الحرب النفسية على العدو يجب أن تتصاعد

الدكتور صالح نصيرات

  • الأحد 03, ديسمبر 2023 05:57 ص
  • الحرب النفسية على العدو يجب أن تتصاعد
يعرف المختصون بالعلوم العسكرية والاجتماعية والسلوكية الخطر الذي تمثله الحرب النفسية على المتحاربين. ولذلك فإن الانتصار في الحرب النفسية مقدمة للانتصار في المواجهات العسكرية. وللأسف فإن العدو قد مارس علينا في العالم العربي حربا نفسية ساعده في تكريسها إعلام فاشل لم يرق إلى مستوى المعركة بيننا وبين العدو الصهيوني. بلاقلب العزائم إلى انتصارات.
 وقد استغل العدو الهزائم المتوالية التي لحقت بالجيوش العربية إلى اقصى مدى ممكن. فاقنعنا بأننا عاجزون عن هزيمة دولة صغيرة رغم أن لدينا 450 مليونا من البشر في ثلاث وعشرين دولة. واقنعنا بأن جيشه لا يُقهر، وأنه دولة تمارس الديمقراطية وتحترم حقوق الإنسان. كما ساعد العدو في تكريس هذه الصورة "السوبرمانية" له أن خبراء التربية الاجتماعية لم يحاولوا تغيير تلك الصورة النمطية عن العدو، فاصبحنا نتداول أمثالا بشكل يومي تعبر عن أن السعادة في الخنوع والقبول بالعدو، وأن أفضل ما يمكن أن تقدمه الحكومات لشعوبها العربية "سلام" هزيل معه.
ولذلك عندما جد الجد ودخلت المقاومة في معارك متعددة مع العدو، ارتفعت اصوات المرجفين والمثبطين وبدأت تعمل كطابور خامس للعدو. لتشيع أجواء الرعب والخوف باسم الحزن على الشهداء و الدمار، وكأن الثورات تنتصر بخطب رنانة وكلام متكلف و"عقلانية" تعبر عن نفسية منهزمة خائرة القوى.
أما في معركة طوفان الأقصى، فقد تغير الأمر فقد كان لهول المفاجأة اثر كبير على العرب والعدو نفسه. فمن العرب من لم يصدق ما راى، وظن أنه في حلم، ومنهم من سخر واستهزأ بما قدمته المقاومة. وفريق المؤيدين والمحبين كانوا اسعد الناس بهذا الانجاز العظيم.
وخلال الأيام الستين التي مرت على بدء معركة طوفان الاقصى، استطاعت المقاومة أن تعيد الثقة إلى العربي المحب لفلسطين، وان تقدم العدو للعالم بصورة لم يعهدها. و مع استمرار المعركة اثبتت المقاومة قدرتها على إدارة حرب شاملة من دولة الاحتلال ومن يؤيدها في بلاد الغرب وبلاد العرب. حتى أن صحافة العدو كما ورد في صحيفة الجيروزاليم بوست ما يعبر عن ذلك فقالت " إنه بات واضحا أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) هي التي تحدد مسار الحرب النفسية منذ اليوم الأول للعدوان على غزة، إذ تأخذ الحركة زمام المبادرة في هذا المضمار، في حين تتخلف إسرائيل عن الركب" كما اعتبر مؤيدون للعدو الهدنة انتصارا لحماس و المقاومة كما قال المتصهين بولتون وغيره. ومن المهم ايضا نشر مايقوله المؤرخون والمفكرون و الجنرالات الصهاينة عن حتمية زوال الكيان.
وفي محاولاته اليائسة لإعادة هيبة جيشه لم يجد سوى الكذب و التدليس و الفبركة سبيلا لرفع معنويات شعبه ومن يناصره. ولكن سرعان ما انكشف الكذب، وظهر الزيف، فاصبح اضحوكة أمام العالم.
فعمد إلى القتل الجماعي والبحث عن كل وسيلة قذرة لكسر شوكة المقاومة والشعب الفلسطيني ومناصريه. فقتل الأطفال والنساء عامدا متعمدا، ودمّر المستشفيات و المدارس و العمارات والمساجد دون أن يقدم دليلا على أنها مقرات للمقاومة. وهذاالفعل الشنيع ارتد عليه. فقامت المظاهرات والوقفات في كل أنحاء العالم، وأخذ الوعي طريقه إلى عقول الكثيرين من أصحاب التأثير والنفوذ، مما أزعجه وجعله يطالب بالاستمرار بالكذب واعتبر وزير صهيوني إن الرواية الصحيحة عن جرائمه وفشله وكذبه يضر الكيان ويهدد بقاءه.
وفي الهدنة الأخيرة وما تم فيها من ظهور واضح للأخلاق الإسلامية في التعامل مع الأسرى جن جنون العدو، واستمر في الكذب المفضوح. وما زاد الطين بلة أن كثيرين من الأسرى والاسيرات ظهروا خلال التسليم أنهم بصحة جيدة ، وأن معاملة المقاومة لهم كانت إنسانية وراقية تعبر عن قيم إنسانية إسلامية رفيعة. وهذا لم يُرض العدو، فظهر جوناثان بولارد الجاسوس الأمريكي اليهودي الخائن لوطنه أمريكا على شاشة التلفزة غاضبا من الأسرى وعائلاتهم، وطالب الشرطة باعتقال كل من يدلي بتصريح يمدح فيه المقاومة. وهذا النجاح الباهر للمقاومة في حربها العسكرية والنفسية جعل العدو يزيد من إجرامه والتنفيس عن غيظه بقتل الأطفال و النساء.
ولذلك المطلوب من كل محب للمقاومة ولفلسطين أن يقوم بالآتي لتدمير معنويات العدو وأنصاره المتصهينين من عرب وغير عرب:
1- متابعة ما يكتبه العدو وما يقوله جنرلاته عن الخسائر الكبيرة المادية من قتلى وجرحى ودمار اقتصادي كبير، والمعنوية كانهيار الجنود وهروبهم من المعركة وتخلف 2000 جندي عن المشاركة في الحرب، وتحميل المقالات و المقاطع المصورة لأحاديثهم.
2- نشر تلك المقالات أو أجزاء منها، وكذلك الفديوهات المترجمة إلى العبرية على مواقع الصهاينة ومؤيديهم بقصد تدمير معنوياتهم.
3- الإفادة من كل فديو مصور للمؤثرين والخبراء والصحفيين المناهضين للصهاينة ونشرها وتعميمها أيضا على المواقع ووكالات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي.
4- إيصال الصور والفديوهات التي تبين انتصار المقاومة و إثخانها في جنود العدو وآلياته ودحره عن مواقع مهمة في غزة.
5- الابتعاد عن نشر الكثير من صور الدمار والقتل البشع إلا لبيان حقيقة العدو الجبانة.
6- نشر صور ومقاطع فديو ومقابلات مع المواطنين العرب وأنصارهم عن المقاطعة الاقتصادية لمؤيدي العدو من دول وشركات حتى يعلم هؤلاء أن لجريمة الوقوف مع القتلة ثمن باهظ لا بد من دفعه.
7- نشر الوقفات و المظاهرات والكلمات والأغاني والرسومات الفنية والصور المعبرة عن جرائم العدو التي يقدمها فنانون عرب وغربيون على مواقع العدو ومناصريه ليعرفوا حجم التأييد لفلسطين و للمقاومة.
8- بث الروح المعنوية بنشر الفديوهات والمقالات التي تستنهض الهمم وتعيد المسلم والعربي إلى فهم حقيقة الصراع ودوره في هذه الحرب.
9- ترجمة ما يمكن ترجمته من فديوهات ومقالات ترفع معنويات الشعوب المسلمة ونشرها بلغاتهم الرئيسية كالتركية والأردو والمالاوية واللغة الانجليزية و الفرنسية والإسبانية.
10- نشر كل ما يقدّم من جهد ومساعدات لغزة حتى يعتقد العدو أن غزة ليست وحدها.
11- ترجمة كل ما يوهن عزيمة العدو على المواقع العبرية لتشجيعهم على الهجرة وإظهار قوة المقاومة و الوقفات العالمية و الشعبية حتى يصلوا إلى قناعة بأن فلسطين لن تكون مكانا آمنا ولا مستقرا لهم.
إن هذه الأعمال اليوم تعد من أجلّ ما يمكن أن يفعله كثيرون منا لنصرة المجاهدين وأهل غزة بشكل عام. وهذا جهاد لا نستصغر شأنه ولا نقلل من أثره. وللسلبيين القانطين و اليائسين نقول اقعدوا في بيوتكم ولا نريد منكم غير السكوت فلطالما كنتم -للأسف- طابورا خامسا وأنتم لا تدرون.