الواقع يقول أن تهديد السلم العالمي يكون من قوة عظمى أو قوة نووية، وليس من قطاع لاتتجاوز مساحته الأربعمائة كيلو متر. وهي مساحة لمدينة غربية متوسطة.
وحتى يستطيع المسؤلون الصهاينة في واشنطن وتل أبيب وبعض عواصم الذل العربي الوصول إلى حلمهم بتصفية المقاومة وبالتالي تصفية قضية فلسطين، وتحويلها إلى مجرد ذكرى، ستستمر حربهم النفسية على أهل غزة ومن أحبها ووقف مع أهلها.
وهم ينتظرون على أحر من الجمر أن يخرج مقاتلو القسام من الأنفاق مستسلمين رافعين رايات بيضاء حتى يتسنى لهم أن يحققوا حلم دولة اغتصاب يهودية نقية من في نظرهم من الشوائب! أي - الفلسطينيين القاطنين في فلسطين كلها.
ولهذا فهم لا يكلون ولا يملون من الخروج على العالم بخطط وبرامج من يوم لآخر لإدارة قطاع غزة وحتى الضفة الغربية بعد انتها الحرب الهمجية التي يشنها الاحتلال! عفوا العالم الغربي بقيادة بايدن وبعض حلفائه من عرب الخنوع والذل.
ولعلهم يريدون باستخدامهم العبارة السالفة الذكر الإيحاء للعالم أن المشكلة ليست في احتلال إجرامي مر عليه خمسة وسبعون عاما، ولا في جرائم يمولون ارتكابها، ويقدمون لها السلاح عن طيب خاطر، بل في بضعة الآف من مقاومين! عفوا إرهابيين في نظرهم.
هؤلاء المقاومون إذن خطر على العالم، وكأن العالم لم يشهد يوما جرائمهم عبر حربين عالمييتن، وحروب لم تتوقف بعد ذلك على الشعوب الحية و الحرة.
إن السلم العالمي يتهدده الظلم والجرائم واحتقار العدل والاستهزاء بالقانون الدولي الذي وضعوه للإبقاء على وجودهم كقوى همها السيطرة واحتكار القوة، وإبقاء العالم منقسما إلى عالمين متخلف ومتقدم.
ولأن عدالة السماء لا تقبل بهذا الظلم البيّن الصارخ، فقد كانت غزة على وجه التحديد "خازوقا" لم يستطيعوا فهمه حتى الآن، ولا يريدون ابتلاعه. فهم يعرفون الحقيقة ولكنهم لا يفهمونها. وفرق كبير من يعرف ومن يفهم.
فغزة ليست قطاعا من الأرض يعيش عليه ميلونان ونصف من البشر، ولكنها ميدان صراع حقيقي اليوم بين الحق والباطل، الخير والشر، العدل و الظلم، الإنسانية والتوحش.
غزة ميدان جديد لم يدركوا بعد أنه لن ينتهي، ولن يتوقف حتى يعيد الميزان الحقيقي لمفاهيم يستخدمها الغرب الماكر اليوم ليبرر جرائمه، وليرسخ فكرته عن هذا العالم الذي يريدون له الاستمرار لتبقى حضارتهم! المزيفة والمنهارة تحت ضربات مقاومة لا تشكل في العدد والعدة أكثر من فرقة عسكرية بدائية التسليح والقدرات.
نعم غزة تهديد لسلم عالمي رسمه الغرب على هواه. فالسلم العالمي في نظرهم ليس سوى عالم خانع ذليل متسول لما يعتقدونه حضارة وتقدم. غزة تهديد لظلمهم واستكبارهم وعنجهيتهم. غزة ترسم اليوم عالما جديدا على حساب أرواح أطفالها ونسائها وشبابها ليكون عنوانه العدل و الحرية والسلام.
وللتخلص من هذا التهديد لكل قيمهم الزائفة وحضارة القتل و التدمير و التوحش، لابد من أن تدار بيد لاتزال تتسول منهم الفكرة والمال، وتعيش على رواتب تدفع للخونة و المرجفين الذين يعرفهم شعب فلسطين معرفة لا ضبابية فيها.
وعندما نقرأ أو نستمع إلى فئات من بعض أبناء جلدتنا الذين لاهمّ لهم إلا النيل من المقاومة و المقاومين، فإننا نكون قد وصلنا إلى القناعة المطلقة وهي أن غزة لا ولن تقبل اليد التي تقبض ثمن الخيانة، وسترفض كل وصاية سواء جاءت من الغرب أو من عربان الذل والخنوع. وهذا الرفض ثمنه كبير ولكن هكذا الأحرار دوما، لايعيشون إلا بالدم المراق على جوانب الحرية الحمراء.
وللحرية الحمراء باب بكل يد مضرجة يدق