عندما تُصفّق "السلطة" لما يَهدِم القضية
د. إبراهيم حمّامي
ليس من المبالغة القول إن الترحيب الذى تبديه سلطة رام الله بقرار مجلس الأمن يمثّل إحدى أكثر اللحظات فجاجة فى تاريخ التمثيل السياسى الفلسطينى.
تصريحات وبيانات رسمية من فتح، السلطة، منظمة التحرير، جميعها رحب وبقوة بالقرار 2803!
فبينما يكرّس القرار واقعاً يقوم على تفكيك الجغرافيا، وتجريد الشعب من حقه في المقاومة، وتبييض صفحة الاحتلال، وتهميش القيادة الرسمية نفسها، تقف السلطة للتصفيق له وكأنه إنجاز سياسى.
إن قراراً يُعاد فيه رسم مصير غزة والضفة والقيادة الفلسطينية من فوق رؤوس الفلسطينيين لا يمكن الترحيب به إلا من سلطة فقدت علاقتها بالناس وبالقضية، وأصبح رضا الخارج لديها أهم من حقوق الداخل. ولهذا، فإن تفكيك أسباب هذا الترحيب واجب وطنى يعرّى انحراف المسار السياسى الرسمى.
1. الترحيب بقرار يُهمّش السلطة ويخرجها من المعادلة
القرار لا يذكر السلطة ولا يمنحها دوراً، ومع ذلك تهلل له، رغم أنه اعتراف دولى بأنها أصبحت خارج الحسابات السياسية.
2. قبول فصل غزة عن باقي فلسطين كمشروع قائم بذاته
القرار يضع غزة في مسار منفصل تماماً، ومع ذلك تتعامل السلطة معه كأنه خطوة سياسية وليست مشروعاً لتكريس الانقسام.
3. الموافقة على وصاية دولية على غزة – أي احتلال مقنّع
صيغ "الإدارة الانتقالية" و"القوات الدولية" تعنى نزع السيادة، ومع ذلك تصمت السلطة بل ترحب.
4. عدم الاعتراض على غياب أي ذكر لإنهاء الاحتلال
لا حديث عن القدس أو المستوطنات أو رفع الحصار أو الحدود، ومع هذا تصفه السلطة بأنه "نقطة انطلاق".
5. التصفيق لقرار لا يحمّل الاحتلال أي مسؤولية
القرار يبرىء الاحتلال تماماً، والسلطة تصفه بـ"الإنجاز".
6. قبول ربط الطريق إلى الدولة بإصلاحات مفروضة وشروط إسرائيلية
الدولة تصبح مشروطة بإعادة تشكيل السلطة نفسها وفق المقاييس الإسرائيلية - الأمريكية، بينما لا يُفرض على إسرائيل أى التزام.
7. الموافقة الضمنية على تجريم المقاومة
مساواة المقاومة بالعدوان تنسجم مع خط السلطة الأمنى، ولذلك لا تعترض.
8. القَبول بخطة تُمهّد لنزع سلاح غزة وإنهاء قدرتها الدفاعية
الحديث عن "ضمانات أمنية لإسرائيل" يعنى نزع السلاح، والسلطة تصفه بـ"الاستقرار".
9. السماح لإسرائيل بأن تكون صاحبة الفيتو على مستقبل غزة والضفة
أي خطوة قادمة مشروطة بأمن إسرائيل، والسلطة تتعامل مع هذا كأنه طبيعى.
10.قبول وضع أمريكى منفرد لإدارة الملف الفلسطينى
واشنطن، المنحازة بالكامل لإسرائيل، تصبح القائد للمرحلة التالية، والسلطة ترحب بتهميش القرار الوطنى.
11.التسليم بتغييب قضية اللاجئين وحق العودة بالكامل
القرار يتجاهل اللاجئين تماماً، والسلطة تصمت.
12.تحويل القضية من قضية تحرر وطنى إلى ملف إغاثى وإدارى
القرار يختزل القضية فى معابر وإغاثة وإدارة، والسلطة تتبنى هذا الخطاب.
13.القبول الضمنى بإعادة هندسة النظام السياسى الفلسطينى
اشتراط "إصلاح" السلطة وإعادة تشكيل أجهزتها يعنى صياغة القرار الفلسطينى فى الخارج، والسلطة موافقة.
14.الاستعداد للعودة إلى غزة تحت حراب قوة دولية
ترى السلطة أن القرار قد يعيدها إلى غزة، لكن تحت وصاية وقوات خارجية، أى دور تابع بلا سيادة.
15.التماهى الكامل مع لغة المجتمع الدولى ولو على حساب الحقوق الوطنية
ترحيب السلطة ليس لأنه يخدم الشعب، بل لأنه قد يضمن لها بقاءً شكلياً ضمن مشهد لا تصنعه هى.
ما بين تهميش السلطة، وتجميل الوصاية، وتجريم المقاومة، وتفكيك الوطن، وإعادة صياغة القيادة وفق شروط الخارج، يصبح ترحيب سلطة رام الله بالقرار موقفاً مضاداً للمصلحة الوطنية بالكامل.
إنه ترحيب يفضح حجم الانفصال بين السلطة وشعبها، ويؤكد أن القيادة الرسمية باتت مستعدة لقبول أى مسار حتى لو أعاد إنتاج الاحتلال بأسماء جديدة مقابل البقاء في الصورة.
ومن ثم فإدانة هذا الموقف ليست إدانة لقرار فقط، بل لنهج كامل فقد بوصلته وابتعد عن جوهر القضية، ووقف فى الجهة الخطأ من التاريخ.
د. إبراهيم حمّامي
ليس من المبالغة القول إن الترحيب الذى تبديه سلطة رام الله بقرار مجلس الأمن يمثّل إحدى أكثر اللحظات فجاجة فى تاريخ التمثيل السياسى الفلسطينى.
تصريحات وبيانات رسمية من فتح، السلطة، منظمة التحرير، جميعها رحب وبقوة بالقرار 2803!
فبينما يكرّس القرار واقعاً يقوم على تفكيك الجغرافيا، وتجريد الشعب من حقه في المقاومة، وتبييض صفحة الاحتلال، وتهميش القيادة الرسمية نفسها، تقف السلطة للتصفيق له وكأنه إنجاز سياسى.
إن قراراً يُعاد فيه رسم مصير غزة والضفة والقيادة الفلسطينية من فوق رؤوس الفلسطينيين لا يمكن الترحيب به إلا من سلطة فقدت علاقتها بالناس وبالقضية، وأصبح رضا الخارج لديها أهم من حقوق الداخل. ولهذا، فإن تفكيك أسباب هذا الترحيب واجب وطنى يعرّى انحراف المسار السياسى الرسمى.
1. الترحيب بقرار يُهمّش السلطة ويخرجها من المعادلة
القرار لا يذكر السلطة ولا يمنحها دوراً، ومع ذلك تهلل له، رغم أنه اعتراف دولى بأنها أصبحت خارج الحسابات السياسية.
2. قبول فصل غزة عن باقي فلسطين كمشروع قائم بذاته
القرار يضع غزة في مسار منفصل تماماً، ومع ذلك تتعامل السلطة معه كأنه خطوة سياسية وليست مشروعاً لتكريس الانقسام.
3. الموافقة على وصاية دولية على غزة – أي احتلال مقنّع
صيغ "الإدارة الانتقالية" و"القوات الدولية" تعنى نزع السيادة، ومع ذلك تصمت السلطة بل ترحب.
4. عدم الاعتراض على غياب أي ذكر لإنهاء الاحتلال
لا حديث عن القدس أو المستوطنات أو رفع الحصار أو الحدود، ومع هذا تصفه السلطة بأنه "نقطة انطلاق".
5. التصفيق لقرار لا يحمّل الاحتلال أي مسؤولية
القرار يبرىء الاحتلال تماماً، والسلطة تصفه بـ"الإنجاز".
6. قبول ربط الطريق إلى الدولة بإصلاحات مفروضة وشروط إسرائيلية
الدولة تصبح مشروطة بإعادة تشكيل السلطة نفسها وفق المقاييس الإسرائيلية - الأمريكية، بينما لا يُفرض على إسرائيل أى التزام.
7. الموافقة الضمنية على تجريم المقاومة
مساواة المقاومة بالعدوان تنسجم مع خط السلطة الأمنى، ولذلك لا تعترض.
8. القَبول بخطة تُمهّد لنزع سلاح غزة وإنهاء قدرتها الدفاعية
الحديث عن "ضمانات أمنية لإسرائيل" يعنى نزع السلاح، والسلطة تصفه بـ"الاستقرار".
9. السماح لإسرائيل بأن تكون صاحبة الفيتو على مستقبل غزة والضفة
أي خطوة قادمة مشروطة بأمن إسرائيل، والسلطة تتعامل مع هذا كأنه طبيعى.
10.قبول وضع أمريكى منفرد لإدارة الملف الفلسطينى
واشنطن، المنحازة بالكامل لإسرائيل، تصبح القائد للمرحلة التالية، والسلطة ترحب بتهميش القرار الوطنى.
11.التسليم بتغييب قضية اللاجئين وحق العودة بالكامل
القرار يتجاهل اللاجئين تماماً، والسلطة تصمت.
12.تحويل القضية من قضية تحرر وطنى إلى ملف إغاثى وإدارى
القرار يختزل القضية فى معابر وإغاثة وإدارة، والسلطة تتبنى هذا الخطاب.
13.القبول الضمنى بإعادة هندسة النظام السياسى الفلسطينى
اشتراط "إصلاح" السلطة وإعادة تشكيل أجهزتها يعنى صياغة القرار الفلسطينى فى الخارج، والسلطة موافقة.
14.الاستعداد للعودة إلى غزة تحت حراب قوة دولية
ترى السلطة أن القرار قد يعيدها إلى غزة، لكن تحت وصاية وقوات خارجية، أى دور تابع بلا سيادة.
15.التماهى الكامل مع لغة المجتمع الدولى ولو على حساب الحقوق الوطنية
ترحيب السلطة ليس لأنه يخدم الشعب، بل لأنه قد يضمن لها بقاءً شكلياً ضمن مشهد لا تصنعه هى.
ما بين تهميش السلطة، وتجميل الوصاية، وتجريم المقاومة، وتفكيك الوطن، وإعادة صياغة القيادة وفق شروط الخارج، يصبح ترحيب سلطة رام الله بالقرار موقفاً مضاداً للمصلحة الوطنية بالكامل.
إنه ترحيب يفضح حجم الانفصال بين السلطة وشعبها، ويؤكد أن القيادة الرسمية باتت مستعدة لقبول أى مسار حتى لو أعاد إنتاج الاحتلال بأسماء جديدة مقابل البقاء في الصورة.
ومن ثم فإدانة هذا الموقف ليست إدانة لقرار فقط، بل لنهج كامل فقد بوصلته وابتعد عن جوهر القضية، ووقف فى الجهة الخطأ من التاريخ.