هل صار اقتحام المسجد الأقصى المبارك أمرًا طبيعيًا؟؟؟

الدكتور محمود سعيد الشجراوي

  • الإثنين 26, يوليو 2021 03:30 م
  • هل صار اقتحام المسجد الأقصى المبارك أمرًا طبيعيًا؟؟؟
صعَّدت منظمات الهيكل اقتحاماتها للمسجد الأقصى المبارك في العام الماضي بشكل غير مسبوق، وَدَعَتْ إلى تكثيف الاقتحامات وتنفيذ الاقتحام الكبير أكثر من مرَّة، وحرِصت على مشاركات سياسية ودينية دائمة، وصارت مشاركة طلاب المعاهد التوراتية والحاخامات أمرًا يوميًا، وصار تنفيذ الطقوس داخل المسجد الأقصى المبارك علنيًا وتحت الحراسة المشددة والمتابعة بل ويتم تصويرها للدعاية وحثِّ غيرهم على القدوم لتنفيذ هذه الاقتحامات، وتمَّ تحيِّيد دور الأوقاف الإسلامية حينًا وإضعاف وجودها وصلاحياتها حينًا آخر، ونفَّذ المقتحمون كلِّ الطقوس الممكنة لهم داخل المسجد الأقصى المبارك (عدا تقديم القرابين)، وصارت المنطقة الشرقية التي هي جزء أصيل من مساحة المسجد الأقصى المبارك مستباحةً لهم بشكلٍ كبير، وصار وجودُ الحراسة ((الإسرائيلية)) شكليًا، فهم يتجولون فرادى وجماعات ويصطحبون أولادهم كأنهم في نزهة، رحم الله المحمدين الثلاثة الذين نفذوا عملية في المسجد الأقصى المبارك 2017، ولو شعر العدو الصهيوني بأن لهذه الاقتحامات ثمن باهظ سيدفعه ما تجرأ هؤلاء على اقتحام المسجد الأقصى المبارك ولا رفعوا سقف العدد حيث كان العدد في المتوسط لا يزيد عن 30 - 50 مقتحم يوميًا وقد وصل متوسط المقتحمين هذا الشهر قرابة ال150-200 مقتحم يوميًا.


       والمتابع لردود الأفعال العربية والإسلامية لهذه الاقتحامات يجدُ عجبًا. فبعد أن كانت الاقتحامات تتسبَّبُ في انتفاضة داخل فلسطين ومسيرات ومظاهرات خارج فلسطين، أخشى أن الأمر الآن صار خبرًا عاديًا، وهو خبرٌ يوميٌ متكررٌ، لا يكاد يحرِّك في كثير من المسلمين شعرة، وهذا هو ((التطبيع)) حيث صرنا نرى أمرًا غير طبيعي إطلاقًا وكنَّا نغضب له صرنا نراه طبيعيًا، صرنا نسمعه يوميًا ويمرُّ علينا بردًا وسلامًا، المهم أنهم ملتزمون بالخروج من المسجد الأقصى المبارك ولا يحاولون دخول المباني المسقوفة، فلا يلوثون السجاد المعدُّ للصلاة، متناسين ومتغافلين عن أن أصل دخولهم إلى المسجد الأقصى المبارك هو أساسُ المشكلة، وأنَّ المسجد الأقصى المبارك هو كل ما دار حوله السور بأبنيته المسقوفة ومساحاته المكشوفة، فجولتهم داخل المسجد الأقصى المبارك وليست في ساحات تابعة له أو حدائق إضافية لا قدسية لها.
    أسئلة كثيرة تمر بخاطري لعل الإجابة عنها يفسِّر هذه الظواهر ومنها:
هل أثَّر سيرُ بعض الأنظمة العربية في ركب خيانة التطبيع مع دولة الكيان الصهيوني فعلًا أثَّرَ على ردَّات فعل الشعوب؟؟
وهل عدم تأثُّرِنا لدى سماعنا خبر اقتحام المسجد الأقصى المبارك هو دليلٌ على تأثُّرِنا بالتطبيع الذي يمارسُ علينا إعلاميًا؟؟
وهل فعلًا نستشعر ذلك الشعار ((الأقصى في خطر)) الذي لأجله يسجن الشيخ رائد صلاح -فك الله أسره-؟؟
وحين نسمع -وأحيانا نردِّدُ- هتاف بالروح بالدم نفديك يا أقصى؛ هل فعلًا نعني ذلك؟؟
وهل فعلًا نَعي معنى دخول 165 مستوطن متطرف للمسجد الأقصى المبارك اليوم الإثنين 26/ 7 في الفترة الصباحية فقط، ودخول 235 مستوطن متطرف إلى المسجد الأقصى المبارك يوم 16/ 7؟؟؟
وهل نَعي فعلًا أن كل مقتحم منهم يمكن أن يكون غولدشتاين جديد ((منفِّذ مذبحة الحرم الإبراهيمي 25/2/1994)) أو مايكل دينس روهان (منفذ حريق المسجد الأقصى المبارك 21/8/1969)؟؟؟
      إن موضوع الاقتحامات واستدامتها وتحوِّلها إلى خبرٍ عاديٍ ينبئُ بخطرٍ شديدٍ جديد، فالعدو يخططُ لأمرين:
أولهما: الحفاظ على كل مكتسب حققه في تهويد المسجد الأقصى المبارك.
وثانيهما: السعي الحثيث لتغيير الأمر الواقع إلى أمر واقع جديد يحقق فيه مكاسب جديدة، وقد يكون حجم هذه المكاسب بحجم إنشاء مدرسة توراتية حقيقة له في الجزء الشرقي من المسجد الأقصى المبارك يبدأها بخيمة أو مظلة ثابتة ثم كراسي ثم بناء مؤقت ثم بناء دائم.
    تُرى هل ستتحرك الجماهير العربية والإسلامية غضبًا لما يخطط العدو وأعوانه في المنطقة؟؟ 
وهل سيرى الأعداء فعلًا أن الأقصى المبارك هو قضية القضايا ومحور الصراع لدى الأمة الإسلامية يوحدها ويوجه غضبتها؟؟


كتبه الدكتور محمود سعيد الشجراوي
إسطنبول 26/7/2021 م