الشيخ رائد صلاح إذ يخرج من معتقله محبسه؟.
لحظة دخول الشيخ رائد صلاح يرافقه الشيخ كمال خطيب مدينته مدينة ام الفحم.
اليوم ( الاثنين 13\12\2021) خرج الشيخ رائد صلاح من معتقله الذي استمر سبعة عشرة شهرا بعد أن ادانته السلطات الإسرائيلية بما عُرفَ بملف الثوابت الذي فيه اكد على ثوابته الدينية-السياسية المتعلقة بالقضية الفلسطينية والقدس والاقصى والداخل الفلسطيني.مبينا أن القدس حق إسلامي عربي فلسطيني خالص وأنَّ المسجد الأقصى المبارك حق خالص للمسلمين ليس لغيرهم فيه ذرة من تراب او نسمة من هواء وموضحا ومؤكدا أن الرباط في المسجد الأقصى جزء من العبادات التي يقوم بها المسلم في المسجد باعتبار الرباط حالة ربانية خالصة للمسلم حين دخوله المسجد فهو يرابط فيه وقد حوكم على فهمه هذا وعلى فهمه لمجمل القضية الفلسطينية والقدس والاقصى وما قامت به السلطات الإسرائيلية في جوهره محاكمة للفهم الإسلامي لما ذكرت سابقا وما كان لها ان تفعل ذلك لولا الترهل العربي والتشظي الإسلامي والتفتت الفلسطيني فالاحتلال مُدركُّ تماما ام هذه اللحظة لن تدوم وغاظه ان يبرز علمُّ ومفكرُّ وقائد بقامة هذا الشيخ الجليل الذي رهن حياته لقضايا الامة الإسلامية وفي مقدمتها المسجد الأقصى فكان رقما صعبا واجه الجلاد بقوة وحزم وثبات. وحقيقة هذه المحاكمة الظالمة تبين حجم الخواف الذي يعشعش في عقليات ونفوس المؤسسة الإسرائيلية ويبين من زاوية معاكسة ومغايرة ان ليس لهم في هذه البلاد ناقة ولا بعير وإنما هي سياسات عليا فوق قومية سعت لتثبيت وجودهم ضمن سياسات السيطرة وإعادة الاحتلال مرة أخرى ومن ثم فقد كانت محاكمة الشيخ في تجلياتها الأولى صراع لفكري-عقدي ثاو لخلفيات تاريخية ومفضيا الى ان منطق القوة وفقط القوة هو من يحكم جدل العلاقة بين ساكنة هذه الأرض عموما والعلاقة مع المسجد الأقصى المبارك خصوصا.
ما يلفت الانتباه بهذه المحكمة والسجن الذي خرج منه الشيخ رائد صلاح مرفوع الرأس أن مؤسسة كاملة بحدها وحديدها ابتداءِّ من رئيس الوزراء ، نتياهو ووزرائه وانتهاء بكامل الأجهزة الأمنية ذات الصلة وقفت على صعيد واحد مقابل الشيخ ، مستعينة بالقضاء مرمغة أنفه بالأرض قائلة لكل العالم ان لا ديموقراطية ولا حرية تعبير عن الرأي وان سبيلها الأوحد هو ابعاده عن المشهد الفلسطيني بكل قسماته الجغرافية والسياسية والاجتماعية وساعية لئن توصل رسالة للداخل الفلسطيني فكان الرد في هبة الكرامة افقد هذه المؤسسة (عقلها) توازنها مما يعني اننا امام ظاهرة خاصة تسمى الشيخ رائد صلاح.
الشيخ رائد صلاح استقبله محبيه من أبناء الداخل الفلسطيني وتزينت مداخل مدينته ، مدينة ام الفحم بالاعلام الخضراء التي تحمل بخضرتها البِشر القادم والشيخ من طبيعته أنه شيخ مبشر يؤمن يقينا ان قادم الأيام مهما احتدمت الاحداث وادلهمت الخطوب لصالح اهل الإسلام حاملي لواء هذا الدين ولصالح حملة القضية الفلسطينية من المخلصين لها العاملين من أجلها . وقد حمل هذا الفكر وهذه القناعات منذ ان خطت قدماه في مسيرة العمل الدعوي بكل اشتقاقاته ، ولذلك ليس عجبا أن يستمد روح الثبات والرباط ورباطة الجأش والصبر من هذا الجمع المبارك بين البشر والامل ، وهذه في حقيقتها احد ابرز معالم القائد الذي يحيل الأزمة\الأزمات الى منافذ حية وليس الا مجرد فرص قد تذهب من بين ايدي الناس ولا تعود ..
الشيخ رائد صلاح رقمُّ صعب لا يُكسر في جدل الصراع القائم بين الاحتلال والقضية الفلسطينية العادلة بما فيها من تموجات وصعود وهبوط فبمواقفه الواضحة الصادعة بالحق نجح ان يزحزح الكثير من المخلصين ممن رمدت عيونهم بسبب غشاوات السياسة وتعقيداتها ومخالطتها العقل والعاطفة الى جادة الطريق ليكونوا في الصفوف الامامية المنافحة عن الوجود الفلسطيني والبقاء الفلسطيني وحمل هموم المسلمين والمستضعفين .
لطالم قارنت بين الشيخ رائد صلاح والحاج أمين الحسيني مع ادراكي لوضعية وظروف الشخصيتين ولكن كلاهما دفعا اثمانا لمواقفهم الثابتة من القضية الفلسطينية والوجود والمستقبل الفلسطيني وذا كان الحاج امين قد مات متحسرا في غربة عن موطنه وقدسه والمسجد الأقصى ولئن أبعد الشيخ عن القدس وعن الأقصى عدد سنين فأن الثابت أن المسجد الأقصى والقدس اضحتا علامة فارقة عند الامة من محيطها الى بحرها واستحالت قضية القدس والاقصى الى ثابت في الصيرورات الشعبية ومعيارا تُقاس عليه مدى وطنية واسلامية واخلاقية الأنظمة والرموز والقيادات فقد تحولت هذه المدينة ومسجدها الى فاضحة لكل من تسول له نفسه العبث بهما وما كان ذلك ليحدث لولا هذه الصيرورة التاريخية التي بدأت من الحاج امين الحسيني ومضى عليها الشيخ رائد صلاح موجها ومثبتا حتى بات شد الرحال الى المسجد الأقصى جزء أساس من حيوات الناس في الداخل الفلسطيني وصار المسجد الأقصى الجزء الحي في القضية الفلسطينية حيث تدور على ارضه المقدسة رحى اعظم معارك الإسلام منذ سقوط الخلافة العثمانية معركة الثبات في مواجهة البلطجة الاحتلالية الساعية للسيطرة على المسجد .
يخرج الشيخ من معتقله محبسه والقضية الفلسطينية في حالة سيئة غير مسبوقة والقدس تعاني من تهويد والمسجد الأقصى يتعرض لعملية إعادة احتلال ، يخرج من محبسه وتنتظره قضايا الداخل الفلسطيني الحارقة .. يخرج من محبسه وألام الأمة تتعاظم تنتهك حرماتها ، وهذه هموم عاشها من قبل وعاشها في معتقله وسيعيشها مجددا والشيخ رجل ملذوع بهوم امته وشعبه وبلده والإنسانية .
سلام على شيخ الأقصى الشيخ رائد صلاح وكل محبيه في ربوع وطننا الحزين وامتنا العربية والإسلامية .
وسلام على كل الاسرى والاسيرات دعاة الحق والحرية
وسلام على كل نَفَسِّ تتنفس من أجل المسجد الأقصى والقدس والأرض المقدسة .
ونقول له الحمد لله بعودتك الى اهلك وشعبك غانما عاليا مرفوع الرأس.
أ . صالح لطفي.. باحث ومحلل سياسي