الأعياد والهوية .. الدكتور صالح نصيرات

الدكتور صالح نصيرات

  • الإثنين 20, ديسمبر 2021 11:00 م
  • الأعياد والهوية ..  الدكتور صالح نصيرات
يعرف اللغويون العيد بأنه اليوم الذي يعود على الناس في يوم محدد من أيام السنة، وفي هذا اليوم تعظيم لحدث له دلالة التعظيم والتقديس. ويشير أيضا إلى العادة والإلف. والأعياد تشير إلى مناسبات مختلفة منها الوطنية أوالقومية أو الدينية. فيوم الاستقلال أو إنشاء الدولة يعد عيدا لرمزيته في التحرر من الاستعمار، والعيد ذو الدلالة الدينية يشير إلى عبادة معينة كما نفعل نهاية شهر رمضان المبارك و موسم الحج المبارك، أو ولادة شخص مهم في تاريخ الأمة التي تحتفل به. وبذلك يكتسب العيد دلالة تتعلق بالهوية. فالهوية تميّز شعبا أو قوما أو ملة بشيء يختلف عن الآخر كاللغة والدين والجغرافيا.
الأعياد والهوية
د. صالح نصيرات
يعرف اللغويون العيد بأنه اليوم الذي يعود على الناس في يوم محدد من أيام السنة، وفي هذا اليوم تعظيم لحدث له دلالة التعظيم والتقديس. ويشير أيضا إلى العادة والإلف. والأعياد تشير إلى مناسبات مختلفة منها الوطنية أوالقومية أو الدينية. فيوم الاستقلال أو إنشاء الدولة يعد عيدا لرمزيته في التحرر من الاستعمار، والعيد ذو الدلالة الدينية يشير إلى  عبادة معينة كما نفعل نهاية شهر رمضان المبارك و موسم الحج المبارك، أو ولادة شخص مهم في تاريخ الأمة التي تحتفل به. وبذلك يكتسب العيد دلالة تتعلق بالهوية. فالهوية تميّز شعبا أو قوما أو ملة بشيء يختلف عن الآخر كاللغة والدين والجغرافيا.
ولأن الأعياد الدينية خاصة عابرة للقوميات والوطنيات، فإنها أكثر أهمية من الأعياد الوطنية والقومية.   حيث تقام في الأعياد الدينية صلوات وعبادات مقصودة، في حين أن الأعياد الوطنية لا يقوم أهلها بأي شعائر عبادية، بل استذكار للاشخاص الذي ساهموا في تحقيق الاستقلال أو الاتحاد ، وكذلك استرجاع ما قدمه الشعب من تضحيات في سبيل حريته.
وتكتسب الأعياد قوتها وانتشارها من قوة من يحتفل بها وليس من عظمة اليوم الذي يتم فيه الاحتفال عادة. فالقوة الاقتصادية والإعلامية والنفوذ الثقافي يجعل من عيد معين مهما ويتجاوز المحلية إلى العالمية. ولايكون اليوم الذي يحتفل به قوم ما هو نفس اليوم الذي وقعت فيه الحادثة كما هو حال الاحتفال بعيد ميلاد المسيح عليه السلام. 
ولهذا نجد جدلا كبيرا في كل عام حول الاحتفالات التي تقام في الخامس والعشرين من كانون الأول "ديسمبر" من كل عام. فمن الناس من يرى أنه احتفال عادي لا دلالة دينية له خصوصا وأنه ليس هو اليوم الذي ولد فيه المسيح عليه السلام. في حين يرى آخرون أنه عيد ديني لأن الصلوات وبعض العبادات الخاصة تقام في هذا اليوم. 
ونظرا لأن الجدل لن ينتهي، فليس هذا مقصدي هنا، بل ما أردت توضيحه هنا، هو أن لكل قوم خصوصياتهم الثقافية التي تميزهم عن غيرهم. ونظرا لما نراه اليوم من عولمة الثقافة الغالبة في شقيها المادي والمعنوي فقد أصبح لدى كثيرين قناعة بأن هذه الثقافة الغالبة تهدف في النهاية إلى بسط نفوذها وفرض أنماط معيشتها على الآخر الفقير والضعيف والفاقد للقوة الحقيقية للوقوف في وجه هذا النفوذ.
إن النظر إلى الاحتفال بأعياد غيرنا على أنه تسامح مع الآخر، أو أنه سبيل إلى التعايش يعدّ نظرة قاصرة تلغي في طياتها الخصوصية الثقافية لأمتنا، وتجعل منا تابعين لغيرنا، إلى الحد الذي نجد فيه أن أعيادنا ذات الدلالات والقيم العظيمة لا تلقى ذلك الاهتمام. فالتسامح واحترام الآخر لاتعني الذوبان وإلغاء الهوية والقطيعة مع الذات. وأنا مع الاقتصار على تقديم التهنئة لاصدقائنا وجيراننا، لاعتقادي بأنه ينسجم مع التسامح و الاحترام.
لقد جاء ديننا الحنيف ليحقق الحياة الأفضل للبشر"فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى"  من خلال منح البشر الحرية الكاملة في الاختيار"لا إكراه في الدين"  ومنحهم الحقوق التي تمكنهم من العيش في آمن وسلام مع بقية أفراد المجتمع المسلم كما ورد وثيقة المدينة.  لذلك فإنني أرى أن انتشار مظاهر ورموز غير إسلامية بالشكل الذي نراه لايعني سوى استلاب للهوية ومحاولات حثيثة لتحقيق العولمة الثقافية على أرضنا وإلغاء خصوصياتنا التي لايمكن المساومة عليها.