لماذا يفتقد كثيرون متعة الحوار مع الأبناء؟؟؟ د. صالح نصيرات

الدكتور صالح نصيرات

  • الإثنين 03, يناير 2022 05:21 م
  • لماذا يفتقد كثيرون متعة الحوار مع الأبناء؟؟؟ د. صالح نصيرات
لابد من الاعتراف بأن العلاقة مع الأبناء في ثقافتنا تسير في اتجاه واحد، وغالبا ما تكون تلك العلاقة مبنية على الأمر والنهي. وهذا النوع من العلاقات ممل ومرهق، وينتهي غالبا إلى الجفاء والرغبة لدى الأبناء في تجاهل الأبوين وتجاهلهم. وبعد ذلك تجد اللوم متبادلا بين الىباء و الابناء، فالآباء يشكون من تمرد الأبناء وتفضيلهم بناء علاقات مع الآخرين، في حين أن الابناء يشكون من جمود الآباء على أفكارهم واساليب تربيتهم العتيقة والتي قد تكون نافعة في ايامهم، ولكنها ليست كذلك اليوم.
لماذا يفتقد كثيرون متعة الحوار مع الأبناء؟؟؟ 
لابد من الاعتراف بأن العلاقة مع الأبناء في ثقافتنا تسير في اتجاه واحد، وغالبا ما تكون تلك العلاقة مبنية على الأمر والنهي.  وهذا النوع من العلاقات ممل ومرهق،  وينتهي غالبا إلى الجفاء والرغبة لدى الأبناء في تجاهل الأبوين وتجاهلهم. وبعد ذلك تجد اللوم متبادلا بين الىباء و الابناء، فالآباء يشكون من تمرد الأبناء وتفضيلهم بناء علاقات مع الآخرين، في حين أن الابناء يشكون من جمود الآباء على أفكارهم واساليب تربيتهم العتيقة والتي قد تكون نافعة في ايامهم، ولكنها ليست كذلك اليوم. 
في زمن أصبح لدى الأبناء فرص الاحتكاك بالآخرين واقعيا وافتراضيا عبر وسائل التواصل المختلفة، أجد لزاما علىينا نحن  الآباء التأمل في شكل العلاقة بيننا وبين أبنائنا. ولعل الشعور الذي يرافق كثير من الآباء بأنهم "مصدر" المعرفة والنصح والتوجيه الأهم في حياة الأبناء لاعتقادهم بأنهم هم الأكثر حبا وعطفا على أبنائهم، يجعلهم يصلون أحيانا إلى مرحلة الوصاية المطلقة. فكثير من الآباء يريدون أبناءهم نسخة عنهم في السلوك والفكر والمعتقدات. 
ينسى كثيرون أن الأبناء يمرون في مراحل مختلفة، وأن نضجهم الفكري والاجتماعي يختلف باختلاف البيئة الأسرية والمدرسية ولاحقا الجامعية والعمل. بالإضافة إلى الملكات المتوفرة لدى الأبناء. إذ يختلف الأبناء في ذكائهم العاطفي والاجتماعي فضلا عن الذكاء اللغوي والرياضي. 
وقد يجد بعض الآباء الحوار مع الأبناء مضيعة للوقت ولذلك تجدهم ينفرون من مجرد التفكير بحوار بنّاء مع الأبناء. وعندما يقدم الأبناء رؤى وأفكار لا تناسب تفكير الأب، فإن بعضهم قد يظهر "تنمرا" على الأبناء. فيتهمون الابن أو البنت بالجهل والسطحية والتأثر بالآخرين ووسائل الإعلام، ويستخدمون ألفاظا يشتم منها الأبناء معاني التحقير والتقليل من آرائهم وأفكارهم. ولا يدرك  كثيرون خطورة هذا السلوك على العلاقة مع الأبناء. ويزيد بعضهم الطين بلة، فيميزون في العلاقة بين الأبناء فيفضلون الأبناء والبنات الأقل "مشاكسة" والأكثر طاعة وقبولا للآراء و الأفكار التي يطرحونها.
خلال زيارتي الأخيرة للولايات المتحدة أمضيت أوقاتا جميلة معي بناتي تقى وبشرى وجنى ، ودارت حوارات كثيرة كانت تمتد لساعات، وكان يتخللها اختلاف في الرؤى واتفاق على أخرى. وكانت معظم الحوارات تدور حول قضايا فكرية وسياسية واجتماعية، وذكريات مرت بنا كأسرة  وأفراد، فضلا عن التحديات التي تواجههم في بلاد الغربة.
قبل أيام أمضيت ساعتين في حوار على الهاتف مع غاليتي جنى حول قضايا كثيرة، وكان معظم الحوار يدور حول ما أكتب من مقالات وخواطر. اختلفنا في بعض الآراء واتفقنا في أخرى. ولعل ما خرجت به من هذه الحوارات عدة أمور وهي أننا نحن الآباء قد نقوم بأعمال نراها عادية وروتينية،  ولكن الأبناء عموما يراقبون ما نفعل وما نقول، ويخزنون في الذاكرة تلك الأفعال والأقوال، وقد يرون في سلوكياتنا ما يغريهم بتقليدها والسير عليها، أو مناقشتها والتعديل عليها والإفادة منها في تربية ابنائهم. ومن الفوائد كذلك أن الأفكار تنضج بالحوار وتتبلور بما يقدمه الآخرون من أراء قد تكون خافية علينا أو أنها ليست أولوية عندنا. ومنها أيضا أن العلاقة الفكرية والثقافية بين الآبناء والأباء  ترفع من مستوى تقدير قيمة الآخر واحترامه وحبه ايضا. فاستكثروا من الحوار وقللوا من الأوامر والنواهي رعاكم الله.