لست محامي اوردغان .. ولكني أوضح لمن سأل .. المحامي بلال محفوظ

الأستاذ بلال محفوظ

  • الخميس 10, مارس 2022 05:31 ص
  • لست محامي اوردغان .. ولكني أوضح لمن سأل .. المحامي بلال محفوظ
اتصل بي وراسلني عدد كبير من الأصدقاء والمعارف ... بعضهم يسأل بأدب عن استقبال الرئيس اوردغان للرئيس الاسرائيلي في تركيا ... وبعضهم يستغل الحدث ليمرر أفكاره الحزبية (المعلبة والمتهية الصلاحية) مستغلاً الرفض الشعبي لهذه الزيارة ...
لست محامي اوردغان ... ولكني أوضح لمن سأل .

اتصل بي وراسلني عدد كبير من الأصدقاء والمعارف ... بعضهم يسأل بأدب عن استقبال الرئيس اوردغان للرئيس الاسرائيلي في تركيا ... وبعضهم يستغل الحدث ليمرر أفكاره الحزبية (المعلبة والمنتهية الصلاحية) مستغلاً الرفض الشعبي لهذه الزيارة ... حيث أن الرفض الشعبي يشمل قواعد الاخوان (حيث يعتبر حزب العدالة والتنمية ومنه اوردغان من تفرعات حركة الاخوان العظيمة) ... وهذا الرفض مبرر ... وهذا يدل على أن قواعد حركة الاخوان قواعد فيها حرية التفكير  وقواعد مثقفة تضغط على القيادة وتفرض وجهة نظرها علناً وان الحياة الفكرية مشتعلة ... وهذا بخلاف الاحزاب الاسلامية المتشددة والاحزاب اليسارية والاحزاب العلمانية ... التي يصدر لها اميرها او رئيسها كل شيء ... والقواعد تردد ما يقوله بالحذافير ... ومن يخالف من قول الامير او الرئيس شيئاً ... يجد العقوبات تنهال عليه بمسوغات عديدة .

وبالحقيقة انا لست محامياً لاوردغان ...  ولكن اجيب عن سؤال الأخوة المؤدبين بالطرح ... ما الذي دفع اوردغان لهذه الخطوة ... وهو غير راغب فيها ... وعمل بعكسها سنوات طويلة ... وهو يعلم أن هذه الخطوة سوف يفقد بسببها جزء من شعبيته داخليا ...  وذلك ضمن الحقائق التالية :-
اولا : إن العلاقات بين تركيا وإسرائيل منذ خمسينات القرن الماضي أي قبل وصول اوردغان بعشرات السنين .
 
ثانيا : منذ أن وصل حزب الحرية والعدالة واوردغان للحكم ... كان موقفه واضح من حكام إسرائيل (موقف دافوس الشهير) ... وكذلك عمل على  خفض مستوى العلاقة من سفارة الى قنصلية ... وأن اوردغان أوجد شرخ بالعلاقات متخذاً من سفينة مرمرة ذريعة لتخفيض العلاقات ... كما أوجد حالة عداء شعبية في تركيا لاسرائيل ... والزم اسرائيل بدفع تعويضات لأول مرة في تاريخيها ... وألزم نتياهو بالاعتذار ... وخفض مستوى العلاقات الى أدنى مستوى ممكن ... لذلك لن يهدم ما فعله خلال هذه السنين مجاناً .

ثالثا : ان تركيا ليست دولة اسلامية ...  بل أن تركيا فيها مشروع إسلامي يحاول النهوض مع تحديات ... حتى أن حزب العدالة والتنمية لا يملك أغلبية بالبرلمان ...  حيث يملك ٣١٧ مقعد (بالتحالف) مقابل ٣٣١ مقعد ... وهذا يجعله عرضة لخسارة التصويت أن اجتمعت عليه الاحزاب العلمانية .
 
رابعا : أن اوردغان وحزب العدالة والتمنية لا يملك كل مفاتيح العمل في تركيا  .  فهو (كحزب قيادة وقاعدة) لا يزال ضعيف في المستوى التجاري ... فالمعارضة تملك مفتايح الاقتصاد وتمسك بمفاصل الاقتصاد منذ عشرات السنين ... ولا يخفى على الاقتصادين (إمبراطوريات التوسياد والموسياد) التي تبتلع الاقتصاد التركي ... وهذه المعارضة مرتبطة بأمريكا ودول اقليمية عميلة لأمريكا ... لذلك كان لهذه الشركات الكبرى ضغط كبير بان من أسباب الغلاء وتراجع الليرة هو عداء تركيا لكل من السعودية والإمارات والبحرين ودعم قطر ... لذلك هناك ضغط كبير لتطبيع العلاقات مع هذه الدول ... والتي من ضمن شروطها اعادة رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل .

خامسا : صحيح أن تركيا من ضمن أقوى عشرين اقتصاد بالعالم ... وانها من ضمن أقوى خمسة عشرة جيشاً بالعالم ... إلا أنها لا تملك سلاحاً نوويا ... ولا بعض الأسلحة الفتاكة ... وتصنيف قوة الجيوش لا يشمل القوة النووية والبيلوجية .

سادساً : ان اوردغان يعمل بشكل جدي على خفض نسبة الفائدة البنكية ... وهذه الفائدة تمتص قوة الإقتصاد التركي لصالح شركات يملكها أمريكان وإسرائيلين ... تأتي هذه الخطوة المفصلية في ظل ضغط من المعارضة العلمانية المرتبطة بالغرب ... والمتابع للأحداث يعلم أن الضغوط التي واجهها اوردغان كبيرة من اجل التراجع عن خفض الفائدة ... الا انه بقي مصر عليها ... لانه يعلم انها خلاص تركيا الاقتصادي بهذه الخطوة .

سابعاً : ان صلاحية رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي من صلاحيات الرئيس ومن صلاحيات البرلمان ... لذلك أمام الرئيس اوردغان خياران اثنين ... الأول أن يعيد علاقات اقتصادية مع إسرائيل بحيث يستوعب المعارضة ويقطع الطريق عليهم ... أو أن تقوم المعارضة بالتصويت بالبرلمان على رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية بطريقة أوسع بكثير وتفرضه على الرئيس (كل أحزاب المعارضة مع رفع مستوى العلاقات)  .

ثامناً : في ظل عدم السيطرة على البرلمان ... وان الحكومة التركية مشكّلة بتوافق وطني (يمكن اسقاطه اذا أصر على موقفه) ... وفي ظل الصراع حول موضوع خفض الفائدة ... والعقوبات الأمريكية على تركيا ... كان لابد للرئيس أن ينحني أمام العاصفة محاولاً تضيقها الى أقل مستوى من الأضرار ... فقام باستقبال الرئيس الاسرائيلي وليس رئيس الوزراء (الرئيس الاسرائيلي وظيفة شكلية واجرائية) وحصر التعاون في المجال الاقتصادي ... وفي مشروع واحد يحتاج إلى سنوات لغايات تنفيذه .

تاسعاً : ان تركيا اشترطت ان هذا التقارب لا تمس بالقضية الفلسطينية وليست على حساب القضية بل لمصلحة القضية .

عاشراً : ان اوردغان مخلص ... (ليس عميل امريكي ولا يدور في فلك احد مع عدم معرفتي بمصدر المصطلح) وإن القواعد تظن به خيراً حتى لو يعجبها منه موقف او علاقة .

لذلك اظن ان اوردغان غير راضي عن هذا التقارب ...  ولكنه  مضطر له تحت ضغوط عديدة .