في الدساتير العربية عامة نجد نصا واضحا لا لبس فيه "يجرّم" تأسيس أحزاب على أساس الدين. ولك أن تؤسس حزبا على أساس عنصري أو قومي وإلحادي شيوعي أو ربما يأتي اليوم الذي ستكون أحزاب الشاذين مقبولة ومحترمة وقانونية.
لماذا هذا الحظر الرسمي على الإسلام وحده؟ هل هو الضغط الغربي، أم الخوف من التمدد الإسلامي الذي يلقى قبولا عاما بين غالبية المسلمين؟ أم أن النخب العربية التي ترسم السياسات وتضع القوانين ليست متدينة ولا تعترف بالإسلام دينا للحياة؟
هل للدين الذي نص عليه دستور الدولة العربية خصائص وصفات تختلف عن الدين الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وتدين به غالبية الشعوب العربية؟
وهل ذلك الدين يقوم على مبدأ أنكره القرآن الكريم على من قال "نؤمن ببعض ونكفر ببعض"؟
هل يقصدون بالدين تلك النسخة التي يرضى عنها الغرب والشرق؟ نسخة "خالية الدسم" فلا علاقة لهذه النسخة بالاقتصاد أوالاجتماع أو السياسة أو الجهاد؟ هل من فرض تلك الأنظمة هو نفسه الذي صمم لها نسخة من الإسلام "المعلمن" الذي أساسه عبادات فردية يقوم بها المسلم في مسجده أو بيته، ولا علاقة لتدينه بمقتضات الحياة اليومية؟
في الإسلام لانجد نظاما ينكر على أهل الملل والعقائد الذين يعشون على ارضه المشاركة في بناء المجتمع. والتاريخ شاهد على ذلك فوثيقة المدينة أنصع دليل على قبول الآخر، والتشاركية في بناء الدولة وحمايتها. بل وحماية كل مواطن يعيش على أرضها دون تمييز. لذلك اعترف مؤرخون غربيون بسماحة الدولة الإسلامية ، كما أعترف كثير من المؤرخين اليهود بأن الإسلام حماهم من الانقراض.
في المقابل نجد عدونا المحتل لفلسطين والجولان يؤسس رؤيته للصراع معنا على اساس توراتي محض. فهو يعتقد بأن صراعه معنا ليس صراعا على مصالح مادية فقط، و لا على أسس قومية، بل استلهم الأباء من دعاة الصهيونية الخرافات التوراتية لتجميع شراذمهم من كل بقاع الارض لاحتلال فلسطين. وحتى العلمانية الغربية تعترف لهم ب"يهودية الدولة" فتكون هي الدولة الوحيدة في العالم المؤسسة على عنصرية دينية لا تقبل بالآخر مهما كانت ملته أو عقيدته.
فهل من الممكن لك يارعاك الله أن تتخيل حكومة عربية نصف أعضائها من حزب إسلامي أو مجموعة من الأحزاب الإسلامية كما في حكومة النتن؟ لماذا لا تتدخل حكومة اليهود في مدارس ومعابد وطرائق حياة أعضاء الأحزاب اليهودية العكس هو الصحيح فهي تدعمها ماديا ومعنويا وتعفو عن القتلة منهم جهارا نهارا دون خوف أو وجل أو حتى مجرد عتاب من دول العالم "الحر"؟
وهل ترى حكومات عربية تتزلف وتستجدي الأحزاب الإسلامية المعتدلة والرافضة للعنف لمشاركتها في ائتلاف لتشكل الحكومة؟؟ فكيف نجد في برلمان اليهود 27 عضوا من أشد الأحزاب تطرفا، عدا الآخرين من الأحزاب الصهيونية، ونجد أيضا 15 وزيرا، أي أن نصف أعضاء الحكومة الصهيونية متشددون ومتطرفون؟
هل تسجن أوتعدم أو تعاقب دولة اليهود المفكرين والمنظرين والحاخامات الذين يخرجون بتصريحات تحلل قتل إخواننا الفسطينيين ومن يقف معهم، وتعتبر العرب والمسلمين "صراصير ؟؟ أم تعتبرهم وطنيين وتحتفي بهم؟
لماذا كل هذا التنكر للإسلام وأحكامه الشرعية؟ لماذا يعتبر من ينادي بالخلافة مجرما ومكانه السجن؟ رغم ان ملوكا تشوفت انفسهم ليكونوا خلفاء. لماذا يحرم المتدينون وأصحاب الرؤية الإسلامية من المشاركة الفاعلة في بناء أوطانهم رغم أنهم من خيرة العلماء والمبدعين والمفكرين؟
ولماذا تقبل الشعوب بإهمال أحكام دينها بل محاربتها في كثير من دول العرب؟
لماذا نجد حماسا منقطع النظير لدى الإعلاميين والمسؤلين من العلمانيين لاتهام الاسلاميين بكل نقيصة وهم برآء من تلك الاتهامات؟
لماذا تسكت الشعوب على إهانة دينها وتقبل أن تساس بغير أحكام الشرع؟
لاغرابة الا يكون لتلك الشعوب وزن ولا قيمة بين شعوب الارض. أنهم هانوا على الله عندما هان عليهم دينهم.
" ومن يهن اللهُ فما له من مُكرِم".