كانت الشام في تاريخنا مركز تجارة ومبعث حضارة ، وكانت والعراق حاضرة الإسلام ومركز الدولة العباسية البديعة ، واليمن كانت مبعث أصالة النسب العربي وحقد خصمنا على المغرب العربي الذي وجد عزوته في الإسلام وانسلخ من ولائه لتغريب العقيدة الفكر على يد رواد أزالوا طغيان الغرب الفاجر حتى صار المغرب العربي قطعةً ترمز إلى بعض أمجادنا … ولم يجمع هذا الفسيفساء التاريخيّ الجغرافي إلا دولة الإسلام التي انتصرت لإنسانية الإنسان على حساب شهوانية الحيوان ومن يعلفه .
قسّموا بلاد الشام ، فبعد أن كانت جزءا وازنا في جسم الأمة غدت مزقا لها شرق وغرب ولها هموم مختلفة وأولويات مبعثرة وسياسات متضاربة ، صار لمختار كل حارة فيها خِتم يختلف عن ختم مختار الحارة المجاورة .
قال سايكس ، وأكد قوله بيكو : بلاد الشام إن ظلت قطعة واحدة برأس واحد ذكّرتنا باليرموك ، واليرموك قصة ينبغي أن تمحى حروفها .
الشام تعني : دمشق الأمويين، وعمان أبي عبيدة وصحبه الأخيار الراقدين في حضن الدحنون الحنون ، وقدس عمر بن الخطاب والفتح المبين ، وبيروت بحر العلوم الأوزاعي … لذلك حقدوا على بلاد تذكرهم بذلهم وعزنا ، وما زلنا بجهلنا نكرّس علائم حقدهم كأنها منارات أنزلناها منازل المجد التليد . وما هي إلا سرطان فتك بكيان أمة أدمنت علاّتها .
باختصار ، لا أحب الوقوف على الأطلال ولا ندب الحظ ، لكني اليوم أعجب من أمة تدعي السيادة وهي تعجز أن تقول لليهود : بع !! بع لإيقاف الموت المتجول في شوارع غزة وزنقاتها ، بع للتعبير عن الوجود ونفي الموت السريريّ القبيح بأمة تلوك أمجادها كعجوز فات زمان عزها .
اسمحوا أن أسأل إن كان ثمة موجب لاعتبار سبع وخمسين دولة إسلامية ما تزال على قيد الحياة ، خصوصا وهناك (بعبع) يُنتظَر قدومه يا من لم تصدروا أي (بع) طوال قرن من الزمان ، فالرئيس الأمريكي المرشح ترامب قادم بتهديده ووعيده ، ولن يشفع لأحد منكم حسن سيرة وسلوك ، لأنه كما تعلمون يجب أن يجدد على الدوام .
في رقبتكم أطفال غزة ، وفي رقبتكم قهر رجالها ، وفي رقبتكم شعوب تتحرق لتكون جزءا من المشهد ، لكنها تشارككم جرمكم ، فقد طال صبرها السلبي غير الجميل .