وهؤلاء المستبشرون يرون أيضا إن "الفتح المبين" والنصر العظيم سيقلب موازين القوى في المنطقة العربية و الإسلامية الواقعة شرق المتوسط. ولا شك عند هؤلاء أن الأنظمة العربية التي جاءت عبر انقلابات أو غير ذلك ستكون قلقة جدا من هذا الوضع الجديد، وستكون الدول الرجعية قديما و المنقلبة على ذاتها حديثا على رأس المتآمرين ضد هذه الجماعة. إذ أن لهذه الدول مجتمعة موقف مشين من الحركات الإسلامية، فمن لم يحاربها علنا ويجرد السلاح في وجهها ويقتل ويشرد أبناءها، فعل ما هو أشد وأنكى بتمزيق الجماعات وبناء سدود بين أبنائها، واقامة علاقات مع قوى وتوجهات كالسلفية و الصوفية والهررية لمنع المد الإسلامي. كل ذك جاء ذلك سرا وعلانيةو ممزوجا بحقد دفين على الإسلام الدين الحق و الشامل لكل جوانب الحياة
ولأن معظم الأنظمة العربية لا شرعية لها، ولديها خشية من وجود دولة واحدة يأتي حكامها عبر الصنوق أو الجهاد ضد المحتل، فإنهم سيسخرون كل مالديهم من أدوات إعلامية ومالية وسياسية لتشويه صورة طالبان الجديدة. والخوف من التآمر مشروع لكون هذه الأنظمة مستعدة أن تدفع من شرفها وكرامة شعبها وتسلم الغرب البلاد بلا مقابل إلا البقاء على الكراسي لإجهاض كل محاولة للعودة إلى حكم راشد يعدل بين الناس، ويعيد القيم الحقيقية إلى المجتمعات العربية و الإسلامية، ويسير في طريق التنمية الصحيحة، والانعتاق من التخلف والتراجع المشين.
والخوف مشروع أيضا لكون تجربة طالبان الأولى لم تدم طويلا ولم تكن على المستوى المطلوب. إذ انشغلت بفروع الدين والمظاهر الخارجية عن حقائقه. فالدين يدعو إلى العدل و الرحمة و المساواة واحترام الناس وتأمين حياة كريمة لهم ضمن منظومة قيمية متكاملة
إن من المبكر الحديث عن آمال عراض، كي تكون أفغانستان الجريحة و المدمرة والمنقسمة دولة قادرة على قيادة المشروع الإسلامي للنهضة و التحرر. ومن عاش في تلك الدولة فترة الجهاد ورأى الخلافات المذهبية و الطرقية و السياسية يضع يده على قلبه خشية العودة إلى الاحتراب الداخلي المدعوم من قوى كبرى وعملاء من الداخل و الخارج.
إن الأمل بالله أن تعيد طالبان حساباتها، وأن تفكر بعقلية الدولة وأن تقدم نموذجا لنظام حكم يستند إلى أسس الإسلام الكبرى وغاياته العظمى في تحقيق كرامة الإنسان وحمايته دون تمييز بين أبناء الوطن الواحد، وألا تتسرع في الحديث عن خلافة إسلامية أو دولة الشريعة قبل أن تبني بلدها سياسيا من خلال نظام يحترم حقوق الجميع ويقوم على أسس تداول السلطة، واجتماعيا بالتمكين لكل قوى المجتمع بالمشاركة في بناء نظام اجتماعي عادل، واقتصاديا بالعمل بعقل منفتح مع العالم، وأن تفكر بطريقة عملية دون تنازل عن حقائق الإسلام ومبادئه