الفطرة الفائزة
فاز الجزائريون بكأس العرب وفازوا بهذه السجدات التي كانت في ساحات وملاعب دولة قطر فرحا، وفازت فلسطين بمن ناصرها ولو في المغرب الأقصى وتونس والجزائر، وفازت الأمة العربية الإسلامية بفطرة تخرج بخيريتها لتحرج خطط الاستكبار والتطبيع المخرب، وفازت الأمة بفطرة لا زالت تحتفظ بالدين والقرآن في القلوب، وهي نفس الفطرة التي دفعت فرنسا إلى الفشل في تصفية الشعوب المغاربية، وهي نفس الفطرة التي ستجعل شلة الاستبداد العربي والإفساد الصهيوني تعيش العنت والمشقة واليأس من تصفية المغاربة، بعد فشل الصليبي الفرنسي اللايكي "العلماني القديس" خازن الجماجم...
اخزنوا ما شئتم من جماجم، فالأمة المغاربية ولادة، والشهداء أحياء، والأمة أصلاب وأسباب وأرباب، أرباب خيرية ونصر قريب..
قد تنقض عرى الدين وينكسر التاريخ وتخترق الأمة والشعوب العربية الإسلامية، لكن الفطرة في الشعوب المغاربية والشعوب العربية الإسلامية لا زالت قوة قد تلتقي يوما برجال أو رجل كأبي مدين الغوث في لقاء تاريخي، فتقاد هذه الفطرة بقدر الله مع سوادها العددي بقيادة هؤلاء الرجال، نحو مشروع وعد به الله ونحو فوز أكبر من فوز في كرة القدم..
فازت الفطرة السليمة التي ظهرت مظاهرها وتجلياتها في كأس العرب في مشاهد جمة أخوية وإسلامية وحبية ومناصرة لفلسطين، مشاهد صنعت بعين الله دون تنظيم أو تخطيط مسبق من الأمة المغاربية بل القدر هو.
فازت الفطرة التي بقيت صامدة ثابتة لم تنقض وتنفرط عن عقد الدين، بل بقيت في قلوب الأمة محفوظة بحفظ الله وجهود علماء الأمة والمغاربة والمشارقة، بل خرجت الفطرة بمظاهرها في محطات مختلفة من أحداث الأمة المغاربية بعد دخول الاستكبار الصهيوني، خرجت الفطرة وأخرجت معها معاني الأخوة والمحبة بين المغاربة الجزائريين والتونسيين والفلسطينيين الليبيين وو..
يخشون اجتماع العرى
خرجت الفطرة ببركاتها وصدمت التقديرات الصهيونية التي كانت تخطط لتمزيق اللحمة المغاربية، تلك اللحمة التي جمعت الأمة المغاربية إيمانيا وجهاديا، فكانت سببا في إسقاط القوى الصليبية زمن صلاح الدين الأيوبي رحمه الله رفقة العالم العربي والإسلامي والمشرقي، ثم بحث العلو الصهيوني في أخطاء الصليبيين وأخطاء فرنسا، ووجدوا أن صمود المغاربة والجزائريين والتونسيين عموما رهين بسر لم تستوعبه الدراسات الفرنسية الاستعمارية، وهو سر الفطرة المحفوظة في جذور قلوب الأمة المغاربية..
خططت المراكز الصهيونية وأدركت الخطأ التاريخي للصليبيين، ثم لفرنسا التي لم تصل إلى تحولها إلى روح جاهلية خبيثة تتقمص أرواحنا...
لذلك كان الاختراق الصهيوني إلى المنطقة المغاربية أشد من الاختراق الفرنسي الذي دخل بالسلاح المباشر العسكري، بل وظف المشروع الصهيوني سياسة العقيدة التوراتية الدفينة حقدا قلبيا، والمدفونة منذ الجيتو والملاح والأطم تنظيما وعلما، وهي سياسة تخريب الداخل أي تخريب السر والفطرة والقلب والعقل، أي توظيف العصارة اليهودية الصهيونية، وهي روح وقسوة قلبية وفكرية تتقمص أرواح أولادنا وطاقاتنا وعلمائنا فتخرب الداخل دون سلاح مدفع، بل هو تقمص الأجساد، فاختراق فتوظيف الإنسان ككيان يمشي ويفسد..
الصليبيون والغربيون في احتلالهم، كانت غايتهم نهب الثروات وتخريب الأرض والفكر والتاريخ، أما الصهيونية فغايتها من الاحتلال والاختراق هو القلب وتقمصه وتحويله إلى كيان يزرع ويوظف.
من أجل ذلك كانت عملياتهم التطبيعية في المنطقة المغاربية غايتها استهداف الإنسان بدل الأرض والاقطار..
يخشون من هذه الفطرة أن تلتقي برجال ويلتقي الرجال بالأمة المغاربية على سند الحب في الله والبغض في الله من تجبر، فتجتمع عروة الفطرة بعروة الحب في الله والبغض في الله فيأتوا بباقي العرى من دولة فدعوة، كانتا منفصلتين لقرون، فتتحرر الأرض المغاربية، فتعم هذه الفكرة كمشروع باقي الأمم..
يخشون أن تتشبت الفطرة بأشد عروة على الاستكبار وأحب عروة عند الأمة وأوثقها عند النبي صلى الله عليه وسلم وهي عروة الحب في الله والبغض في الله، قال النبي صلى الله عليه وسلم:( أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله )، عروة جامعة تحشد لها الملايير الصهيونية والتطبيعية لطمسها من بوابات الاختراق الصهيوني الجديدة..
يخشون فطرة تربت في مدارس القرآن والأسر المغاربية، المحبة لبيت المقدس والنبي صلى الله عليه وسلم والقرآن والدين لا دين أبراهام التطبيعي...
حين رأى المشروع الصهيوني أن فرنسا والاستبداد قد فشلا في إضعاف الشعوب المغاربية، دخل المشروع الصهيوني بنفسه إلى المنطقة ليضعف الشعوب المغاربية لأن لديه تقارير لا يحمد عقباها وهذه خطوة تحسب لنا كمغاربة لأننا في قوة ولدينا مميزات وبركات تحفظ صلبنا، وهذا ما رصدته في ( كتابي الاستراتيجية الصهيونية والتطبيع الجديد من الاختراق إلى الاحتراق )..
لا تغيبوا الغيب...
إذا جاء قدر الله بهذا الفوز في كرة القدم ( وغير كرة القدم ) وهو قدر الله، فهو حدث لن يرضاه المشروع الصهيوني والفرنسي والاستبداد، لماذا؟
لماذا؟ لأن المشروع الصهيوني ما جاء من بوابة التطبيع واخترق المنطقة المغاربية وأفريقيا، إلا لأنه مضطر، من أجل منع الأمة المغاربية من الإحساس بأي أمل، بل إضعاف وتفقير ومخدرات وحركة وتحسيس بهزيمة وحصار، خصوصا من قبل دول الجوار والكيان الصهيوني والتطبيع الأمني والعسكري...
ما دخلوا إلا لمنعنا من الإحساس بأي فطرة وفكرة، فطرة تحيي النفوس نحو تحرير النفوس لعبادة الله دون سلطان وحاكم، وفكرة تحيي العقول نحو رؤية وعلم يدفعنا إلى التحرر من الأنظمة الاستبدادية للتفكير في تحرير فلسطين والمسجد الأقصى المبارك...
ما دخلوا وأدخلوهم من بوابة التطبيع إلا حجب المغاربة الجزائريين والتونسيين والمغاربة عموما عن "بوابات الأمل الغيبية"، نصر الله وقدر الله :
أولا ...نصر الله : يرغبون في حجبنا عن تذوق مشاهد انتصارات كانت في القدس وفي بيت المقدس وفلسطين وهذا من الغيب.
وكلما انتصرت الأمة الفلسطينية إلا وتنفست الأمة المغاربية، ورأينا كيف تنفس المغاربة الصعداء بعد سيف القدس وزاد إيمانهم وفرحوا بفرح المؤمنين خصوصا بعد منع التراويح في رمضان والصلاة في المساجد المغربية..
عوضنا الله خيرا من نفحات المسجد الأقصى المسجد الأس، المسجد البركة، المسجد المجدد، المسجد البوصلة.
اعلموا أن التطبيع استراتجية احتلال، وعملية منع من النظر إلى أرض الأمل المقدسية كي لا نتشرب الأمل والفرحة، فننظر إلى الطائفة المقدسية الموعودة المنتصرة والنظر إلى العدو الحقيقي الصانع للاستبدادات العربية. التطبيع صهيوني صغير يدخل كسياسة لتجفيف هذا الفرح بالانتصارات، فنفرح فننتصر لبيت المقدس، فنعادي الكيان ونرفضه في شعوبنا العربية والإسلامية، فنفكر مستقبلا في مواجهته في شعوبنا كاختراق فاشل، فتفكير ثان مستقبلا لمواجهته في فلسطين بعد تحرر الشعوب العربية والإسلامية والمغاربية من الكيانات الصغرى العربية..
هذه خلاصة المعركة والقصة.
ثانيا... قدر الله: يخشى الاستكبار من كل أحداث وتحولات ولو يسيرة بسيطة تعيد الثقة في الأمة والمغاربة، كقدر الله في خروج الجماهير الجزائرية والمغربية بشعار خاوة خاوة، وحدث فوز الجزائريين، وقدر الله في حدث تصافح المغاربة الجزائريين والتونسيين والفلسطينيين في مشهد واحد وأعلام مختلفة والفلسطينية خصوصا، التي تغيض البعض وترسل رسائل رمزية جمة، تضرب الصورة الكاذبة التي يروجها دعاة التطبيع عن تشتت وعداء بين الشعوب المغاربية...
قد يقول قائل، أنت تربط بين الرياضة والدين وهذا ربط مخل، هذا قدر الله وله عبره ونتائجه التي فرحنا لها، وفي نفس الوقت غضب لها الصهيوني والمطبع، الذي كان يرغب في تسييس اللعبة، بل وحصار الجزائريين، وصناعة فوضى وحرب كلامية ونفسيبة وسياسية بين المغاربة والجزائريين..
لكن قدر الله وفي مشاهد عدة، كسر الصورة التي أراد أن يرسمها التطبيع الاستخباراتي رفقة الاستبداد والذباب عن المغاربة والجزائريين ..
ولا زال الجزائريون والمغاربة والتونسيون والمغاربة عموما إخوانا يجمعهم الدين والقرآن والإسلام، والمحبة في الله والبغض في الله:
-المحبة في الله : لنحقق الشعبة الإيمانية الأعلى بذكر الله لا إله إلا الله ونحقق الشعبة الإيمانية الأدنى إماطة أذى الدنس الصهيوني عن شعوبنا...
-وبغض الطغيان : الذي قسمنا في سايكس بيكو 1916م، وبغض من فشل في أهداف التقسيم فسعى إلى تقسيم المقسم من بوابة التطبيع والاختراق الجديد والكامل...
أفق بطولاتنا والتحدي المستقبلي
ولا زال الجزائريون والمغاربة والتونسيون وكل المغاربة إخوانا جمعهم أسطول واحد في معارك الصليبيين لتحرير فلسطين والقدس رفقة صلاح الدين الأيوبي رحمه الله ورفقة العلماء أمثال أبي مدين الغوث رحمه الله الذي يخشى الاستكبار من ظهور أمة مثله..
ولا زالت الأمة تسعى إلى أفق البطولة والتفوق ليس فقط على مستوى الرياضة، بل والعلم والاختراع والأخلاق والاقتصاد والبيئة والمجتمع،، لكن عقبتها حكامها والاستكبار العالمي وستزال بعد اقتحام عقبة النفوس والعقول والحركات والإرادات وستزال ما دام هناك رجال إرادات ...
حين تتحرر الأمة ستعطي أكثر وتتفوق في مستويات عدة وتضاهي العالم الغربي...
لسنا متخلفون، بل محاصرون مقموعون...
وما رغبوا في اختراق الشعوب العربية الإسلامية والمغاربية إلا لعلمهم أن الأمة ستنهض يوما وتنتفض لتتحرر ، كي لا يقال عنها متخلفة، بل إن هذه الأمة إذا تحررت ستحقق نهضة لم تصل إليها القوة الغربية التي بترت الأخلاق في منظومتها، بل إن هذه الأمة حين ستجمع بين إصلاح المجتمعات وإصلاح الآخرة، ستحقق المشروع العمراني الذي يظنه البعض حلما في المقابل هو حقيقة ووعد الله.