هل نعيش اليوم مسرح العبث واللامعقول! .. د.صالح نصيرات

الدكتور صالح نصيرات

  • الجمعة 14, يناير 2022 02:07 م
  • هل نعيش اليوم مسرح العبث واللامعقول! ..   د.صالح نصيرات
في الهزات الكبرى التي عاشتها البشرية كالحروب العالمية، ولدت افكار وفلسفات، وبزغت نجوم في الفن المسرحي والروائي والتشكيلي. وكانت في جلها تجاوزا للسائد من خلال طرح أفكار جديدة تتعلق بمصير الإنسان بعد أن اصبح معلقا بيد مجموعات من المعتوهين والعصابيين، الذين استخدموا كل وسائل القتل من الرصاصة إلى القنبلة الذرية. ويبدو لي أن الأمم التي مرت بتلك الظروف كان لديها من الصلابة والتماسك والإيمان بذاتها ما مكنها من تجاوز المحنة والانطلاق، بل والانعتاق من جور العصابيين و المعتوهين. فرب ضارة نافعة. ولم يحدث ذلك من غير طرح تساؤلات كبيرة على مجريات الحياة، ومراجعات حقيقية بعضها وصل إلى اليأس، في حين تجاوز كثيرون ذلك كله وانطلقوا بالأمل والعمل. ولعل ظاهرة المسرح العبثي وما رافقه من شعور بالقلق و التوتر والخوف من العالم الخارجي جاء بعكس ما أراد القائمون عليه. فاصبحت الأمم الأوروبية أكثر انفتاحا، وتجاوزا لعصر الاستعمار، وقبولا معقولا للآخر.
هل نعيش اليوم مسرح العبث واللامعقول!
د.صالح نصيرات
في الهزات الكبرى التي عاشتها البشرية كالحروب العالمية، ولدت افكار وفلسفات، وبزغت نجوم في الفن المسرحي والروائي والتشكيلي. وكانت في جلها تجاوزا للسائد من خلال طرح أفكار جديدة تتعلق بمصير الإنسان بعد أن اصبح معلقا بيد مجموعات من المعتوهين والعصابيين، الذين استخدموا كل وسائل القتل من الرصاصة إلى القنبلة الذرية. ويبدو لي أن الأمم التي مرت بتلك الظروف كان لديها من الصلابة والتماسك والإيمان بذاتها ما مكنها من تجاوز المحنة والانطلاق،  بل والانعتاق من جور العصابيين و المعتوهين. فرب ضارة نافعة. ولم يحدث ذلك من غير طرح تساؤلات كبيرة على مجريات الحياة، ومراجعات حقيقية بعضها وصل إلى اليأس، في حين  تجاوز كثيرون ذلك كله وانطلقوا بالأمل والعمل. ولعل ظاهرة المسرح العبثي وما رافقه من شعور بالقلق و التوتر والخوف من العالم الخارجي جاء بعكس ما أراد القائمون عليه. فاصبحت الأمم الأوروبية أكثر انفتاحا، وتجاوزا لعصر الاستعمار، وقبولا معقولا للآخر. 
فما هي المرحلة التي تعيشها أمتنا بعد زلزال الربيع العربي الذي أكتسح في طريقه مجموعة من المستبدين والعصابيين و المجانين والمجرمين الذي حكموا بالحديد والنار، وسيطروا على العقل العربي فترة من الزمن من خلال مجموعات مأجورة من المثقفين، والإعلاميين، وعسكر لايختلفون عن الميليشات الدموية، التي تقتل على الهوية، حتى اعتقد الكثيرون أن هؤلاء المستبدين لن يتجرعوا كؤوس الذل و المهانة على يد المستضعفين. ولكن لأن المثقفين والنخب الفكرية لم تستطع تجاوز عقلية المستبد الذي رعاها فترة من الزمن، فقد عادت المجتمعات إلى المربع الأول، بل انغمست في الانحطاط والتراجع إلى مستويات غير مسبوقة، ذلك أن رؤوس الأنظمة الذين ذهبوا تركوا خلفهم دولاً عميقة قوامها ميليشات من الإعلاميين والقضاة والكتّاب المأجورين، الذين لم يتخلوا عن الحنين إلى الركوع تحت بساطير العسكر.
ولأن ثقافة المجتمعات العربية التي عاشت في ظل الاستبداد أُشربت روح العبودية للفرد، فهي كمن عاش دهرا في الظلام فصعب عليه رؤية النور، ولم يستسغ الحرية، وعاد إلى الجحر نفسه مستسلما لقدره، فظهرت السلبية القاتلة، والنكوص عن النضال ضد الاستبداد، وباع كثيرون ضمائرهم. ويستوي في ذلك اليسار الثائر واليمين الخامل، الثوري السابق والمتدين الساذج. فعلا صوت منكر من قبل هؤلاء جميعا. فاليسار الثوري اطمئن إلى الحضن الجديد، فاصبح يدافع عن الاستبداد ظنا منه أن هذا سيقضي على المخالف له وهو الإسلام الحركي الفاعل، وكذلك الحال مع النسخة المنقحة من إسلام سمي زورا وبهتانا"سلفيا" مهمته اليوم تبرير التخلف والاستبداد والركون إلى الظالم، واتهامه كل من يرفع عقيرته ضد الظلم بالخروج وبث الفتن، وبين هؤلاء وأولئك مستبدون يؤلهون أنفسهم، ويمدحون أنفسهم بإسباع الحكمة والتنوير والتقدم على تفاهاتهم ومشاريعهم الفاشلة، ويرتعون في مال الأمة، ويلغون بدمائها، ويعدونها بجنة ورؤى جديدة قوامها الرجوع إلى الجاهلية الأولى وهدفها تدمير القيم وسلخ الأمة من هويتها، القومية والدينية. فهرع القوم إلى أحضان الصهيوني والماسوني ليضمنوا البقاء كالمستجير من الرمضاء بالنار.