وهل ما يأتي به هؤلاء الرسميون يُعدّ تحريفا لكتاب الله، أم هو اجتهاد وفهم جديد ينسجم مع المتغيرات التي تلاحق الإنسان؟ وهل يمكن أن نجد حوارا حقيقيا بين أهل العلم وعامة المسلمين دون الدخول في "حروب" كلامية لايستفيد منها أحد سوى أعداء الإسلام؟
هل التشدد في فروع الدين والذي تولى كبره مجموعات تمني نفسها بالانتماء إلى سلف الأمة كان سببا في الانفلات في الخطاب والممارسة في بلاد عُرفت بالإلتزام بالدين؟ وهل تقصّد الحكام في عقود سابقة فتح الباب على مصراعيه للمتشددين حتى يصبح التدين بشكله الذي روج له الحكام والعلماء سببا فيما نراه اليوم من انفلات عقال بعض المجتمعات من التدين حسب قانون نيوتن الثالث لكل فعل رد فعل مساو له في المقدار ومخالف له في الاتجاه؟ أم أن الأوامر صدرت للسلاطين من وراء البحار لخدمة الطرف الغربي في الحرب الباردة؟
هل جاء تسيسس المشايخ ورميهم في أتون معارك سياسية وهم لايتقنون السباحة في بحر السياسة المتلاطم الأمواج والمتقلب حسب المصالح والأهواء ليسقطوا في شرّكٍ نُصب لهم بقصد نزع الثقة عنهم وإظهارهم بمظر الساذجين الذين يدخلون مجالا غير مجالهم؟
هل سقط مشايخ اليوم الذين يرفعون أصواتهم بخطاب هزيل لا نصيب له من الصحة والمعقولية ولا يتفق مع آي الكتاب الكريم في جريمة تحريف الكتاب باختيار نصوص محددة وإخراجها من سياقاتها ليحققوا ل"ولي الأمر" وسادته من أعداء الإسلام مبتغاهم؟
كيف يتحدث المشايخ عن علاقة ضرورة بناء علاقات تفاهم وحوار مع الصهاينة ورعاتهم المعروفين بحقدهم على الإسلام وكتبهم تنضح بفتاوى تفسق وتبدّع وتوزع التهم على المسلمين "إخوانهم في العقيدة"؟ ألا يعاني الدعاة من حقد دفين عليهم من قبل هؤلاء المشايخ بدعوى أنهم "خوارج" في حين أنهم يتلطفون في لغتهم عند الحديث عن الأعداء ويصفونهم بالإخوة و الأصدقاء؟ ألم يصدروا البيانات والفتاوى التي تثلج صدور الأعداء وتتهم جماعات بعينها بالإرهاب والضلال؟
هل المطلوب تجديد الخطاب الديني بهذا الشكل الذي يفتح الباب على مصراعيه لكل من هب ودب من جهلة وحاقدين ليتقولوا على الله ورسوله؟ هل استفاق المشايخ الرسميون من غيبوبتهم ليدشنوا لنا خطابا انهزاميا لاعلاقة له بدين الله؟
ليتفضل هؤلاء الذين يعتلون المنابر ويضللون الأمة بهذا الخطاب وليقولوا لنا كيف سيدافعون عن أنفسهم في يوم سيتبرأ منهم من "ضحك" عليهم وهل ستنفعهم المناصب والأموال التي يأكلونها بالباطل.
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ"