كلمة بطركي كلمة اغريقية تعني سلطة الأب، ثم توسع المفهوم لاحقا وبعد الثورة الأوروبية على سلطة الكنيسة ليصبح بمعنى "سلطة الذكور" وبدأ استخدامه في العام 1630. أي في القرن السابع عشر وهو القرن الذي شهد تمردا على سلطة الكنيسة.
ومن الواضح أن استخدام المصطلح جاء في سياق أوروبي له خصوصياته التي عاشها المجتمع الأوروبي في صراعه مع الكنيسة. كما أن الظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها القارة الأوروبية هي التي أملت على الأوروبيين إخراج المرأة للعمل على يد البرجوازية الجديدة التي استغلت رخص اليد العاملة للنساء.
وقد تم تعريب المصطلح ونقله إلى السياق العربي الإسلامي في تجاهل تام للاختلاف الكبير بين المجتمعات العربية المسلمو والأوروبية التي ناضلت للتخلص من السلطة الدينية التي كانت في نظر عامة الأوربيين السبب الرئيس في تخلفهم الفكري و الثقافي و الحضاري. وأصبح هذا المصطلح هو السائد في كتابات النسوية العربية ومن يدافع عنها.
فهل من المعقول أن تصبح المجتمعات العربية و الإسلامية التي عاشت فيها المرأة المسلمة مهتدية بتعاليم الإسلام وثقافته العامة صدى لتلك المجتمعات؟ وهل من المنطق القيام بعملية إسقاط كاملة لظروف أوروبية معروفة على الوضع السائد في المجتمعات الإسلامية؟ وهل من المنطق ايضا أن يصبح المجتمع الأوروبي المتمرد على الدين -كل دين- والرافض للوحي والمنادي بالمادية والمتأثر بالداروينية هو المعيار والمرجعية المطلقة لمن يدافع عن المرأة وحقوقها؟
فهل الأب المسلم سلطوي وديكتاتوري بطبعه؟ هل يفتقد الأب الحب والحنان فيعامل بناته خاصة معاملة لاتلق بمقامهن ولا بمكانتهن؟ ولماذا تعتبر تلك المنظمات التي تزعم دفاعا عن المرأة الأب "النظام الأبوي" مسؤلا عن تعاستهن؟ وهل كل النساء في منطق هذه المنظمات تعيسات وغير قادرات على التقدم والحركة في المجتمع وتقديم أنفسهن في صورة المرأة القادرة على اجتراح المعجزات، والوصول إلى مستويات تليق بهن في المجتمع؟
لو نظرنا إلى هؤلاء النسويات لوجدنا أنهن تعلمن وذهبن إلى المدارس والجامعات وتخرجن فيها وذهبن إلى العمل ومارسن نشاطهن الطبيعي في الحياة مع وجود آباء ورجال من العامة والنخب المثقفة. وإذا كان تقبل فكرة وجود المرأة في بعض المصالح العامة والمستويات القيادية لم تصل إلى مستوى مقبول، إلا أننا نجد أيضا أن تلك المستويات تتناسب في كل المجتمعات السياقات الاجتماعية والثقافية والدينية.
وعندما نقرأ مقالات لبعض من يدعم النسويات نجد أن معظم المقالات والدراسات تنطلق من فرضية واحدة هي أن الرجل سبب تعاسة المرأة، وكأن المرأة مخلوق -كما تزعم تلك الدرسات- بلا عقل ولا قدرة على الدفاع عن أنفسهن. بل مجرد أكوام من البشر تقاد من قبل الرجال إلى حيث يريدون. ثم هل احترام الأب وتقدير دوره الاجتماعي جريمة يجب أن يعاقب عليها بجعله سببا في تعاسة المرأة ؟