كنا ونحن صغارا عندما نسمع المقولة الصهيونية " أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل " نضحك من تفاهة المقولة لأن أنظمتنا الحاكمة وكبارنا أفهمونا أن ذلك كلام لا معنى له وأن إسرائيل لن تعيش طويلا ، وكنا نتحمس كثيرا عندما نسمع العبارة الحماسية من إذاعة صوت العرب " تجوع يا سمك حنرميهم في البحر " ، وخاض العرب الحرب ضد دولة الكيان المحتل وكانت نكسة 1967 فخابت آمالنا .
وكدنا نطير من الفرح عندما عقدت القمة العربية في الخرطوم بعد النكسة " قمة اللاءات الثلاثة " التي خرجت بالتمسك بالثوابت من خلال لاءات ثلاثة: لا صلح ولا اعتراف ولا تفاوض مع العدو الصهيوني قبل أن يعود الحق لأصحابه.
ولكن مع الأسف أخذ عقد اللاءات الثلاث بالانفراط تدريجيا مع الزمن سواء في كامب ديفيد أو اتفاقات أوسلو أو وادي عربة أو شرم الشيخ ... وظهرت حكاية التطبيع مع دولة الكيان عندما زعم البعض أنها أصبحت أمرا واقعا وتسابقت بعض الدول العربية نحو " المحتل " لخطب ودة ،وفتحت السفارات والقنصليات والمراكز التجارية والثقافية " الإسرائيلية " في كثير من الدول العربية والإسلامية ، ورفرف العلم الصهيوني على الأراضي العربية من المحيط الهادر إلى الخليج الثائر.
لم ترسل دولة الاحتلال جنودها وأسلحتها إلى كل أراضي الوطن العربي لاحتلاله لكنها نشرت ثقافتها بين أجيالنا ، وتغلغل اقتصادها في أسواقنا ، وزرعت وكلاءها بيننا فأصبحوا حكاما ومتنفذين ، وحرضتنا على قتل بعضنا البعض بالنيابة عنها فقبلنا ، بل أوحت لنا أن الضحية " الفلسطينيون " هم الجلادون وأنها هي الضحية وأن فلسطين أرضها والقدس عاصمتها فصدقناها وصفقنا لها .
رحماك ربي هل كان كل ما سمعناه وتعلمناه أضغاث أحلام ؟ أم كنا نسير في مخطط مرسوم لنا ونحن لا ندري ؟ أم أن كبارنا ومتنفذينا كانوا يعرفون المخطط بل كانوا جزءا منه ونحن الأغرار ؟ وسواء صح هذا أو ذاك فكل منا متهم بقصر النظر والتفريط بالأوطان والمقدسات .
أيها السادة : لا تيأسوا فاليأس ليس من شيم المسلمين وسيزول هذا الليل وسيبزغ الفجر من جديد ، ستزول دولة الكيان المحتل ومن يؤازرها ، لكن الله أمرنا بالعمل فشمروا عن سواعدكم وانشروا الوعي بثقافتكم الإسلامية وقضاياكم العادلة واغرسوا حب فلسطين والقدس في نفوس أبنائكم ، فنحن أصل الأشياء وأصحاب الأرض ، والله معنا وسينصرنا , وإن غدا لناظره قريب .