شعار الصهاينة هذه الايام واعمالهم على الارض (من ليس له تاريخ يسرق تاريخ غيره، ومن ليس له شرعية تاريخية تساند كيانه ووجوده يسرق شرعية غيره التاريخية) ؟!. هذا ما فعلته وتفعله يوميا الحكومات الصهيونية المتعاقبة من أجل فرض شرعية تاريخية ودينية لليهود في القدس ولو عن طريق سرقة التاريخ الأثري الإسلامي ونسبه لليهود واعتبار آثار إسلامية تضم مساجد ومقابر مثل الحرم الإبراهيمي في الخليل ومسجد بلال أبن رباح وغيره "آثارا يهودية" !؟
حيث تسعي الروايات التاريخية اليهودية لعرض التاريخ العبري من خلال نبوءات حاخامات يهود لإيهام العالم أن لهم موطئ قدم في الأحياء الإسلامية والمسيحية بمدينة القدس، وما هذه الروايات إلا محض افتراء وكذب تبرر لهم سرقة التراث الإسلامي .
قصة بناء كنيس الخراب المفتعلة وما تبعها
يعود تاريخ هذا الكنيس، حسب رواية بعض حاخامات اليهود إلى القرن الثامن عشر ميلادي، وفق رؤية لاحد الحاخامات واسمه (إيليا بن شلومو زلمان المعروف بـ جاؤون فيلنا (ר 'אליהו בן שלמה זלמן)، حسب الرواية الصهيونية المزعومة، حدد فيها موعد بداية بناء الهيكل بيوم الـ 16 آذار/مارس من عام 2010 ، وهذه النبوءة تضمنت إشارات إلى أن اليهود سيشرعون في بناء الهيكل مع تدشين معبد "حوربا" (كنيس الخراب) الكائن بالحي اليهودي بالقدس حيث وفدت مجموعة من اليهود بلغ تعدادهم بين 300 إلى 1000 شخص من بولندا (الأشكنازية) في 14 أكتوبر 1700 م، وقاموا بجمع أموال طائلة لرشوة بعض عمال الدولة العثمانية، للحصول على تصريح ، حتى يقوموا ببناء معبد حوربا، لكن المجموعة فشلت في دفع ثمن الأرض التي تم شراءها، الأمر الذي دفع أصحاب الحقوق إلى التحرك للمطالبة بأراضيهم.
نتيجة لذلك تركت المجموعة اليهودية مبنى المعبد من دون أن تكمل بناءه وتحول الكنيس إلى خراب، وظل علي هذا الحال 89 عاماً ولذلك سمي بـ(كنيس الخراب) نسبة للخرابة التي أحدثها هدم المعبد
وبعدما أعيدت الأرض المحيطة به لأصحابها، وهم عائلة فلسطينية من آل البكري، ثم جاء إلى القدس عام 1808م، مجموعة يهود من تلاميذ (جاؤون فيلنا) حاولوا بناء الكنيس من جديد، إلا أنهم فشلوا في ذلك لمنع السلطات العثمانية عملية البناء كون الأراضي المحيطة يسكنها عرب ومسلمون، حتى جاء زلزال عام 1834م، فانتهز اليهود الفرصة مرة حيث سمح لهم هذه المرة ببناء الكنيس من جديد في عام 1836م، وتحركت عائلة الثري اليهودي روتشلد -المعروف بتمويله للبناء اليهودي في فلسطين-لتمويل إعادة بناء هذا المعبد.
وشرع اليهود في بناء هذا الكنيس في عام 1857م، واكتمل بناءه في 1864 م ؛ وظل الكنيس على حاله حتى 25/5/1948 عندما حاصر الجيش الأردني بقيادة عبد الله التل مجموعة من قوات عصابات الهاجانا داخل هذا الكنيس ، وطلب الأردنيون من الصليب الأحمر أن يخرج جميع المتمركزين داخل كنيس حوربا حتى لا تقوم القوات الأردنية بقصف الكنيس، فاستغلت العصابات الصهيونية الكنيس كمعسكر حربي ورفضت قوات الهاجانا الخروج من الكنيس .
وفي 26/5/1948 أعطى عبد الله التل قوات الهاجانا مهلة 12 ساعة للخروج، وإلا يقصف الكنيس، وبالفعل تم طرد عصابات الهاجانا التي تمركزت داخله .
وبعد أن احتل الصهاينة مدينة القدس العتيقة عام 1967 بدأت تظهر المطالبات بإعادة بناء كنيس حوربا من جديد، إلا أن حاخامات الدولة اكتفوا ببناء قوس تذكاري لهذا الكنيس، كونه لا يشكل معلما هاماً. وظل الحال على هذا حتى بدأت النظرة الصهيونية للمدينة تأخذ طابع الإسراع ببناء المعبد وتحويل المدينة إلى مدينة يهودية بالمنظور والتاريخ، فظهرت فكرة إعادة إحياء بناء كنيس حوربا من جديد في بداية عام 2000م، على الرغم من وجود معارضة من العلمانيين وبعض اليهود المتدينين، خوفا من اهمال الهيكل والاكتفاء بهذا الكنيس إلا أن المشروع أقر في بدايات العام 2003م، لينتهي في 15 مارس 2010م.
وبالفعل بدأت شركة تطوير الحي اليهودي ببناء الكنيس فعلاً منذ بدايات 2001م، وقدرت تكاليف بنائه بــ (7.3 مليون) دولار تدفع الحكومة الإسرائيلية منها 2.8 مليون دولار، والمتبقي يدفعه المتبرعون، الذي افتتح يوم الاثنين 15 مارس في احتفال كبير حضره بيريز ونتنياهو ووفود يهودية ضخمة، وسط مخاوف أن يلحقه في اليوم الثاني سعي عشرات الجماعات المتطرفة الصهيونية لاقتحام الأقصى والسعي لتدميره كما فعل البوذيون في مسجد أيوديا عام 1992 عندما هدموه بحجة بناء معبد مدفون أسفل المسجد وقد حاولوا وفشلوا !؟.
وهكذا أعيد بناء هذا الكنيس في مدينة القدس العتيقة كأحد المعالم البارزة جداً والمرتفعة فيها، بجانب المسجد العمري الكبير داخل البلدة العتيقة في القدس الشريف على أنقاض حارة الشرف الإسلامية؛ التي قامت السلطات الإسرائيلية بتحويلها إلى (حارة اليهود) بعد أن هدموا وبدلوا معالمها. مع حارة المغاربة وطردوا وشردوا من بقي من سكانها دون قتل إلى خارج مدينة القدس.
ويعد هذا الكنيس أكبر كنيس يهودي بارز في البلدة القديمة، ويتألف من أربع طبقات، ويتميز بشكله الضخم وقبته المرتفعة جداً التي تقارب ارتفاع كنيسة القيامة، وتغطي على قبة المصلى القبلي داخل المسجد الأقصى للناظر للمسجد من اتجاه الغرب، وقد خطط له عموما على أن تكون قبة هذا الكنيس أعلى من قبة المسجد الأقصى المبارك.
وقد ادّعى بعض الصهاينة بأن بناء هذا الكنيس، هو بشارة لأن الهيكل سيبنى مرة أخرى وروج بعض المستوطنين الصهاينة لهذه الأوهام على أمل منهم أن تأتي الساعة التي ينقضون فيها على المسجد الأقصى بعد أن فرغوا من بناء كنيس الخراب، وباتت هذه الخرافات تمثل دستوراً لدي المتدينين الصهاينة وبعض السياسيين، يسعون لتطبقه على الأرض!
والخطورة الأن أن المستوطنين يعتبرون تاريخ بناء هذا الكنيس اليهودي (الخراب) هو نبؤه بضرورة بناء الهيكل وهدم الأقصى وأن عليهم أن يشرعوا في هذه الخطط منذ اليوم الثاني لبناء هذا الكنيس (أي بداية من 16 مارس 2010) ، ولذلك سرعوا من وتيرة الاقتحام المستمر للمسجد الأقصى، ووضعوا صورة مجسمة لهيكل سليمان المزعوم قربة ، وتزايدت أعداد الجماعات اليهودية الساعية لبناء الهيكل وهدم المسجد الأقصى مثل : (أنصار الهيكل) - (الحركة لبناء الهيكل)- (معهد الهيكل) - (حاي وكيام) - (نساء من أجل الهيكل)- (حراس الهيكل)، وغيرها .
فكنيس ها حوربا (الخراب) يشكل منعطفاً كبيراً في العقيدة الصهيونية، ضمن مخططها في تهويد مدينة القدس، ووجود هذا الكنيس هو أمر لابد منه -كما يزعمون-كي تتحقق رؤية صهيونية تتعلق ببناء الهيكل الثالث. جمال عرفة: كنيس الخراب كلمة السر لهدم الاقصى بتصرف.
وأخطر هذه المحاولات الصهيونية لتزوير التاريخ وتهويد القدس وبناء ما يسمي (مدينة داوود)، هو ما تم من بناء (ها حوربا) أو كنيس (الخراب) على بعد ٣٠٠ مترا فقط من الأقصى وذلك ضمن خطوات تحزيم الأقصى بسلسلة من الكنس اليهودية بلغت 62 كنيسا (لتفوق مساجد وكنائس الأقصى) وتحويل المساجد والمقابر إلى حدائق عامة وهدم منازل العرب وزيادة الاستيطان.
هؤلاء الصهاينة "لصوص التراث والتاريخ " الذين اتخذوا قرارا بتسريع التهويد بحيث ينتهي في حسم مصير مدينة القدس نهائيا لصالحهم ، مما دفعتهم ليس فقط لضم المسجد الإبراهيمي ومسجد بلال للتراث اليهودي ومن ثم السعي لتحويلها إلي ثكنات عسكرية ودينية إسرائيلية تدخلها المجندات الصهيونيات بأحذيتهن ، والان تسعى دولة الاحتلال الصهيوني لحسم مصير المسجد الأقصى نفسه بعد ان تم بناء أضخم وأكبر كنيس يهودي في العالم – هو كنيس الخراب – بالقرب منه ، وبقبة تعلو قبة الأقصى ، وفرض الإغلاق التام علي الأقصى مع تكثيف الاقتحامات له من المستوطنين والجيش لإجبار المسلمين علي تقسيم الصلاة فيه بل وتقسيمه زمانيا ومكانيا.
وقد أقام الصهاينة خلال السنوات الأخيرة عدداً من الكنس الصهيونية والمتاحف التي حلت محل الأوقاف الإسلامية بجوار المسجد الأقصى والتي يصل عددها بحسب الشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية في فلسطين المحتلة 1948 قرابة 62 كنيسا تحيط بالأقصى إحاطة السوار بالمعصم ، ومن اخترها واشهرها :
1-كنيس حمام العين يوهيل يتسحاق (خيمة إسحاق): الذي بناه الصهاينة على أنقاض حمام العين وأسموه يوهيل يتسحاق أي خيمة اسحاق وافتتح في عام 2008م.
2-كنيس مصلى المدرسة التنكرية : حيث تعد المدرسة التنكرية أحد معالم المسجد الأقصى بناها تنكز الناصري خلال العام 724 هجري، وقد قام الصهاينة بتحويلها إلى كنيس خلال عام 2008م.
3-كنيس قدس الأقداس مقابل قبة الصخرة : وهو أحد الكنس الموجودة داخل نفق الحائط الغربي وهي تقابل مسجد قبة الصخرة وقام الصهاينة خلال نهاية العام 2008 بتحويلها إلى كنيس يهودي!.
4-كنيس قنطرة ويلسون أسفل المدرسة التنكرية: سميت بذلك نسبة إلى مكتشفها تشارلز ويلسون عام 1865 وحولها الصهاينة خلال العام 2005 إلى كنيس تقام فيه حفلات الزواج والبلوغ!.
5-قافلة الأجيال: وهو متحف صهيوني تم افتتاحه في عام 2006 أسفل المدرسة التنكرية يتكون من ثلاثة فصول وسبعة فضاءات يبث تاريخ مزور لليهود على طول 3500 عام.
6-متحف البيت المحروق: أحد المتاحف التهويدية الموجودة في حارة الشرف داخل القدس العتيقة يحاول الصهاينة من خلاله بث فكرة الوجود اليهودي خلال 70 ميلادي وملكيتهم للأراضي!
7-قلعة داود: وهي قلعة باب الخليل. قلعة قديمة جدا في القدس بناها هيرودس لأول مرة والقلعة اليوم إسلامية بحتة وحولها الصهاينة إلى متحف لتنطلق منه كل رحلات التهويد! وهناك غيرها الكثير في محيط الأقصى حتى بات عدد الكنس في البلدة العتيقة يضاهي عدد المساجد والكنائس فيها، ومن هذه الكُنُس التي ما زالت تُبنى لتخدم قضية التهويد والمزاعم الصهيونية القائمة على أساس نبوءات حاخامات مزعومة كنيس ها حوربا (كنيس الخراب).
فبعد أن تم افتتاح كنيس الخراب في حارة الشرف الإسلامية في مدينة القدس يوم 15/3/2010، وما نشرته صحيفة هآرتس العبرية يوم 10/12/2009م نقلا عن المؤسسة "الإسرائيلية" توقعت صحيفة (هآرتس) في تقريرها بأن تقدم جماعات يهودية على هدم المسجد الأقصى في شهر آذار 2010م لإقامة الهيكل المزعوم مكانه باعتبار أن هناك نبوءة لحاخام تربط بناء هذا الكنيس بهدم الأقصى، وفشلوا في ذلك وهذا الكنيس يمثل أحد أهم دور العبادة اليهودية في القدس بعد حملة تهويديه شرسة غير مسبوقة تشهدها مدينة القدس والمسجد الأقصى منذ بداية العام 2010 الذي يعتبر نقطة الفصل لدى المتدينين اليهود والدولة العبرية في قضية القدس وإلى الان المحاولات المحمومة مستمرة لنزع ملكية القدس بكاملها وعبرنتها وأسرتنها ببناء كنس جديدة ومن بينها كنيسا ضخما خطيرا يعرف ب
كنيس فخر إسرائيل" مكمل ل "كنيس الخراب" يتبع (٣٥١)
قسم القدس في هيئة علماء فلسطين
ولجنة القدس في الاتحاد العالمي
الجمعة ٣/ ٢/ ٢٠٢٣م
الدكتور مروح موسى نصار