القضية الفلسطينية تتجلى فيها ثوابتنا الشرعية: أ.د صالح الرقب

أ . د. صالح الرقـب

  • الإثنين 28, فبراير 2022 07:58 م
  • القضية الفلسطينية تتجلى فيها ثوابتنا الشرعية: أ.د صالح الرقب
من المعلوم أن لفلسطين مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، فهي الأرض المقدسة والمباركة بنص القرآن الكريم، وفيها المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد بُنِي لله في الأرض، وفيها ثالث المساجد مكانة في الإسلام. وهي أرض الإسراء والمعراج، وهي أرض الأنبياء عليهم السلام، وهي مهاجر نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهي أرض المحشر والمنشر، دار الإسلام، والمرابط المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، وفيها الطائفة المنصورة الثابتة على الحق إلى يوم القيامة. وتتجلى فيها ثوابت المسلمين الشرعية، والتفريط فيها تفريط في هذه الثوابت، ومن يفرط فيها يعد مرتكبا لجريمة كبرى وخائناً لله ورسوله وللمسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}. وأبيّن هنا مرتكزات الثوابت الشرعية في أرض فلسطين المسلمة:
القضية الفلسطينية تتجلى فيها ثوابتنا الشرعية: أ.د صالح الرقب  

من المعلوم أن لفلسطين مكانة عظيمة في قلب كل مسلم، فهي الأرض المقدسة والمباركة بنص القرآن الكريم، وفيها المسجد الأقصى أول قبلة للمسلمين، وثاني مسجد بُنِي لله في الأرض، وفيها ثالث المساجد مكانة في الإسلام. وهي أرض الإسراء والمعراج، وهي أرض الأنبياء عليهم السلام، وهي مهاجر نبي الله إبراهيم عليه السلام، وهي أرض المحشر والمنشر، دار الإسلام، والمرابط المحتسب فيها كالمجاهد في سبيل الله، وفيها الطائفة المنصورة الثابتة على الحق إلى يوم القيامة. وتتجلى فيها ثوابت المسلمين الشرعية، والتفريط فيها تفريط في هذه الثوابت، ومن يفرط فيها يعد مرتكبا لجريمة كبرى وخائناً لله ورسوله وللمسلمين: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ}. وأبيّن هنا مرتكزات الثوابت الشرعية في أرض فلسطين المسلمة:
   1- إنّ اليهود في فلسطين غرباء ودخلاء، قد جلبوا من أطراف وبلدان عدة، ولا علاقة لهم ولا لآبائهم وأجدادهم بأرض فلسطين، ولا علاقة لهم بأحد من الأنبياء عليهم السلام.

2- لا يؤمن اليهود بالمعاهدات والمواثيق مع غيرهم, ودينهم نبْذُها والضربُ بها عرض الحائط. قال تعالى عنهم: (كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَاراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) المائدة:64, (أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) البقرة:100, وقوله سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} المائدة: 13، (الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون) الأنفال: 56, وتقول توراتهم: "لا تصنعوا سلاماً هكذا يقول الرب مع الأشرار".
 3- أن الصراع بيننا وبين اليهود صراع عقيدة وهوية ووجود. ألم نقرأ قول الحق تبارك وتعالى:(لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا)، وقوله سبحانه:(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ).
اقرءوا التاريخ لتدركوا أن يهود الأمس سلفا سيئا ويهود اليوم خلف أسوأ، كفّار النعم، محرّفوا الكلم، عُبّاد العجل، قتلة الأنبياء، مكذّبوا الرسالات، خصوم الدعوات، شذّاذ الآفاق، حثالة البشرية، فهم: (مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمْ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ)، هؤلاء هم اليهود، سلسلة متصلة من اللؤم والمكر، والعناد والبغي، والشر والفساد :(وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ)، حلقات من الغدر والكيد والخسة والدناءة، تطاولوا على مقام الربوبية والألوهية: (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ)، (وَقَالَتْ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا)، تعالى الله عن قولهم علوا كبيرا، لقد رموا الرسل بالعظائم، واتهموهم بالشناعات والجرائم، آذوا موسى، وكفروا بعيسى، وقتلوا زكريا ويحيى، وحاولوا قتل محمد صلى الله عليه وسلم، عملوا له السحر، ودسوا له السم بأبي هو وأمي عليه الصلاة والسلام.
4-أثبت اليهود أنهم لا يستجيبون لمنطق الشجب والاستنكار أو المطالبة، وأن ما اغتصبوه من الأمة لا يمكن أن يُرد شيء منه إلا بالقوة, تاريخهم كلّه ينطق بهذه الحقيقة، والقرآن الكريم يُشير إليها بقوله تعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا مَا دُمْتَ عَلَيْهِ قَائِماً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَيْسَ عَلَيْنَا فِي الْأُمِّيِّينَ سَبِيلٌ وَيَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) آل عمران 75. 

5- بناء على الحقائق الآنفة الذكر تتأكد حقيقة لا تتخلف، وهي أن أقرب وأقصر طريق لتحصيل واسترداد الحقوق المغتصبة في فلسطين وتحجيم أطماع اليهود يكمن في طريق الجهاد في سبيل الله وإعلان المقاومة المسلحة، والنفير العام، وأي طريق آخر يُنشد غير طريق الجهاد فهو مضيعة للحقوق والأوقات، وهدر للطاقات وتكريس لشرعية اعتداء المعتدي، كما هو حاصل ومُشاهداليوم.                                                              

6- إنّ اليهود والنصارى بعضهم أولياء بعض على الإسلام وعلى أمة الإسلام، وهذه حقيقة ظاهرة واضحة لا يجوز الشك بها، تواترت عليها شواهد المنقول والمعقول، والواقع المشاهد الملموس، يقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) المائدة:51، ويقول الله تعالى: (وَالَّذينَ كَفَرُواْ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ إِلاَّ تَفْعَلُوهُ تَكُن فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ) الأنفال73.

7- إن بعض حكام العرب ومعهم طرف فلسطيني أصبحوا عملاء ومأجورين علانية، يعملون حراساً أوفياء لحماية المشروع اليهودي، وتحقيق مصالح اليهود في المنطقة. وقام القوميون والعلمانيون العرب بإبعاد الطابع الديني عن المعركة مع اليهود، رغم أن الصهاينة طبعوا دولتهم بالطابع الديني عند نشأتها وتحقيق أهدافها. فالعرب وبعض الفلسطينيين قد ضيعوا فلسطين لما ضيعوا الدين من واقع حياتهم ومن المعركة ضد يهود.                                                              
8- إن قضية فلسطين قضية إسلامية قبل أن تكون قضية عربية أو فلسطينية وطنية محلية. واليوم يكشف الغرب الصليبي ومعه قادة العدو عن خطتهم الدينية النهائية لدولتهم؛ "يهودية الدولة".. فأين من يطرح إسلامية فلسطين.                                                        

9- إن التحرير التّام لأرض فلسطين لا يتمّ إلا على أيدٍ مؤمنة متوضئة توحّد الله تعالى. قال تعالى: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً) النور55، وفي الحديث: "لا تقوم الساعة حتى يُقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهودي من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم, يا عبد الله, هذا يهودي خلفي، فتعال فاقتله، إلا الغرقد فإنه من شجر اليهود". (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ). وما ذكره قديماً الصهيوني ابن غوريون رئيس الوزراء الأسبق لما يسمى (إسرائيل): "نحن لا نخشى الاشتراكيات، ولا الثوريات، ولا الديمقراطيات في المنطقة، نحن فقط نخشى الإسلام، هذا المارد الذي نام طويلاً، وبدأ يتململ من جديد". ويقول اليهودي الماكر شمعون بيرز: "إنّه لا يمكن أن يتحقق السلام -حسب الطريقة اليهودية- في المنطقة ما دام الإسلام شاهراً سيفه، ولن نطمئن على مستقبلنا حتى يغمد الإسلام سيفه إلى الأبد". وقال المعلق الصهيوني لراديو العدو (إسرائيل) الذي أذيع مساء الخامس من أيلول 1978م، جاء فيه: "إن على اليهود وأصدقائهم أن يدركوا أن الخطر الحقيقي الذي تواجهه (إسرائيل) هو خطر عودة الروح الإسلامية إلى الاستيقاظ من جديد، وأنَّ على المحبين لـ(إسرائيل) أن يبذلوا كل جهدهم لإبقاء الروح الإسلامية خامدة، لأنها إذا اشتعلت من جديد، فلن تكون (إسرائيل) وحدها في خطر، ولكن الحضارة الغربية كلها ستكون في خطر". وقال موشيه أرنس وزير الحرب اليهودي الأسبق: "إنَّ ما ينجزه المتدينون المسلمون في مواجهتنا سيدفع مئات الملايين من العرب والمسلمين للاندفاع نحو الحرب المقدسة ضد (إسرائيل). إنَّ على دولة (إسرائيل) ألا تسمح لأصحاب الدعوات الدينية بالنجاح في هذه المعركة، هذا يعني تهاوي قدرة الردع الإسرائيلية في مواجهة العرب والمسلمين، فبعد ذلك سيتجرأ علينا الجميع، عندها سنتحول إلى أضحوكة أمام دول العالم". وقال مناحيم بيغن في كتابه (الثورة): "ينبغي عليكم أيها الإسرائيليون أن لا تلينوا أبداً عندما تقتلون أعداءكم، ينبغي أن لا تأخذكم بهم رحمة، حتى ندمر ما يسمى بالثقافة العربية التي سنبني على أنقاضها حضارتنا". ً

10- أن الهدف الرئيس لصفقة القرن تصفية القضية الفلسطينية من خلال شطب قضية اللاجئين، و"قضم" مدينة القدس المحتلة لـ(إسرائيل)، وتثبيت الاحتلال والاستيطان بالضفة، ودمج الاحتلال مع الدول العربية عبر التطبيع، وتفكيك مكونات الشعب الفلسطيني وعناصر قوته ووحدته، وحصار وتدمير المقاومة وعوامل الصمود، والسيطرة على المقدسات الإسلامية.
ومن المخاطر أيضًا "قضم" الضفة المحتلة، وفرض ما تسمى "سيادة" الاحتلال المزعومة عليها، وحماية مصالح الاحتلال في المنطقة العربية، وتكريس سلطة فلسطينية تحكم بصلاحيات محدودة، وإغراء الدول العربية المحيطة بفلسطين بالمال للتخلي عنها، ومحاولات "التوطين" وإنهاء قضية اللاجئين على حساب الفلسطينيين والدول العربية، وإنهاء الوجود الفلسطيني في فلسطين التاريخية سنة 1948، وإضفاء "الشرعية" على ضم الاحتلال للأراضي العربية المحتلة كالجولان،  وأغوار الاْردن ، وتحويل الصراع لمشروع "اقتصادي إقليمي" تحت مسمى "الشرق الأوسط الجديد".