هل يجوز الدعاء بالرحمة لغير المسلمين بعد موتهم ؟!!
أ.د صالح حسين الرقب
الدعاء للكافر بعد وفاته ولو بتخفيف العذاب عنه:
1- إنَّ من المعلوم من الدِّينِ بالضَّرورةِ أنَّ الله تعالى بعث محمدًا صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الخلق كافة، قال الله تعالى) :وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا( سبأ:28، وقال تعالى: (فُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا)الأعراف:158، فكل من لم يدخل دين الإسلام الذي بعث الله به محمدا صلى الله عليه وسلم فهو كافرٌ، قال الله تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ) آل عمران:19، وقال الله تعالى: (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران:85، والنصوص القرآنية دالةٌ على أنَّ الكفار في النار خالدين فيها، وأن الجنة عليهم حرام؛ وأن الله تعالى لعنهم، ولن يغفر لهم، وقد نهى الله تعالى عن الاستغفار لهم، وبيَّن أنهم شر المخلوقات، قال الله تعالى: (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) البقرة:86، وقال الله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ) البقرة162:، وقال تعالى: (كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْماً كَفَرُوا بَعْدَ إِيمانِهِمْ وَشَهِدُوا أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَأَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) أل عمران:86-88. وقال الله تعالى: (وَإِذا رَأَى الَّذِينَ ظَلَمُوا الْعَذابَ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ) النحل:85. وقال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذابِها كَذلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) فاطر:36.
وإذا كان لبعض هؤلاء الموتى أو القتلى حسنات أو فضائل كما يتوهم البعض فقد بيَّن الله تعالى أن الشرك محبط للعمل، فقال الله تعالى: (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) الزمر:65، وقال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا) الفرقان:23. فقط يجازون على أعمالهم الحسنة في الدنيا فقط، قال الله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ) هود:15. وقال الله تعالى: (أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون) هود: 16. وقوله تعالى: (مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَّصِيبٍ) الشورى:20. وفي صحيح مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إِنَّ اللهَ تعالى لا يِظْلِمُ المؤمِنَ حسَنَةً، يُعْطَى علَيْها في الدنيا ويثابُ عليها في الآخِرَةِ، وأمَّا الكافِرُ فيُطْعَمُ بِحَسَناتِهِ فِي الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرِةِ لم تكنَ لَهُ حسنةٌ يُعْطَى بِها خيرًا". (صحيح الجامع رقم1853 ، قال الشيخ الألباني: حديث حسن).
2- قال الله تعالى: (قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)الأعراف:156 وجه الدلالة: حين قال: (ورحمتي وسعت كلّ شيء) بيّن أنّه قد كتبها لمن يستحقها من المؤمنين كما قال في آية أخرى : (إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) ومعلوم أنّ الله يرحم من يشاء من خلقه رحمة واسعة؛ لكن الدعاء للكافر بالرحمة لا يجوز؛ جاء في تفسير الطبري: حدث أبو بكر الهذلي فقال: فلما نـزلت: (ورحمتي وسعت كل شيء)، قال إبليس: أنا من الشيء"! فنـزعها الله من إبليس، قال: (فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ)، فقال اليهود: نحن نتقي ونؤتي الزكاة ونؤمن بآيات ربنا! فنـزعها الله من اليهود فقال تعالى: (الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ)، قال: نـزعها الله عن إبليس، وعن اليهود، وجعلها لهذه الأمة. تفسير الطبري: 10/484، 13/157، وعن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: أنه قرأ: (ورحمتي وسعت كل شيء فسأكتبها للذين يتقون). تفسير الطبري:13/156، قال: جعلها الله لهذه الأمة وهذا ممَّا ينافي الدعاء لهم بالرحمة. فالله يقول: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) سورة العنكبوت:23، ويقال لمن جوَّزَ الدعاء بالرحمة للكافرين إذا كان الله تعالى قد أخبرنا بيئس الكفار من رحمة الله تعالى فلمَا المعاندة لله تعالى وتطلب منه أن يرحم الكافرين، نعوذ بالله تعالى من معاندة الله، يقول تعالى ذكره: (وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا) الأحزاب: 36." لم يكن لمؤمن بالله ورسوله، ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله في أنفسهم قضاء أن يتخيروا من أمرهم غير الذي قضى فيهم، ويخالفوا أمرَ الله وأمرَ رسولِه وقضاءهَما فيعصوهُمَا، ومن يَعَصِ الله ورسولِه فيما أمرَا أو نهيَا) فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا مُبِينًا) يقول: فقد جارَ عن قصدِ السَّبيلِ، وسلكَ غيرَ سبيلِ الهُدَى والرَّشادِ". (تفسير الطبري 20/270).
وقد حكم سبحانه أنَّ من نجَا من النَّارِ فقد رحمَه الله تعالى: (مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ، وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ) الأنعام:16، وقال سبحانه وتعالى: (َهَٰؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُون) الأعراف: 49، وقال تعالى: (وَمَن تَقِ السَّيِّئَاتِ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمْتَهُ وَذَٰلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ رحمته) غافر:9. فكيف يقال عمَّن هو خالدٌ مخلدٌ في النار: قد رحمه الله! ونجد آيات كثيرة في القرآن الكريم أن الرحمة تختص بالمؤمنين وليس بالكفار، كقوله تعالى: (فَأَمَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّٰلِحَٰتِ فَيُدْخِلُهُمْ رَبُّهُمْ فِى رَحْمَتِه) الجاثية: 30. وهكذا فعند رجوع إلى آيات القرآن الكريم المتعلقة بالرَّحمةِ ينكشف للمسلم بجلاء غلط التفريق بين النهي عن الاستغفار دون الترحم، وهو نوع من الجمود الظاهري.
وروى مسلمٌ في صحيحِه من حديثِ أنسٍ عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: "أن اللَّهَ يُطْعِمُ الكافرَ بعملِه الصالحِ في الدنيا، وَيُثِيبُهُ في الدنيا، فإذا جاء الآخرةَ لم يكن له عملٌ يُجَازَى عليه، أما المسلمُ فَاللَّهُ يُثِيبُهُ بعملِه في الدنيا وَيَدَّخِرُ له في الآخرةِ ." قال النووي رحمه الله في شرح مسلم (17/ 150): "أجمع العلماء على أن الكافر الذي مات على كفره : لا ثواب له في الآخرة، ولا يجازى فيها بشيء من عمله في الدنيا متقربا إلى الله تعالى، وصرَّح في هذا الحديث بأنْ يطعم في الدنيا بما عمله من الحسنات، أي بما فعله متقربا به إلى الله تعالى، مما لا يفتقر صحته إلى النية، كصلة الرحم والصدقة والعتق والضيافة وتسهيل الخيرات ونحوها.
2- ومن زعم أنَّ هناك رحمة تخفيف للعذاب لغير ما ورد في حق أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتي بدليل من الكتاب أو السنة يثبت ذلك، بل نقول إنَّ تخفيف عذاب أبي طالب قد تمَّ بشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن طلب النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى أن يستغفر لعمِّه فمنع بقوله في (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنوا أَنْ يَسْتَغْفِروا لِلْمشْرِكِينَ وَلَوْ كَانوا أولِي قرْبَى). سورة التوبة: ، ومعلوم أن هذه الآية نزلت بسبب أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمه أبي طالب لما توفي على الشرك (وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أٌنْهَ عَنْكَ)، فَأَنْزَلَ اللَّه: (ما كانَ للنبيِّ والذينَ آمَنُوا أنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ ولو كَانُوا أُولِي قُرْبَى، مِن بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لهمْ أنَّهُمْ أصْحَابُ الجَحِيمِ) التوية: 113، أخرجه البخاري (3884)، (4675)، ومسلم (24(. جاء في شأن أبي طالب: ما روى البخاري (3883) ، ومسلم (209) عن العَبَّاسُ بْنُ عَبْدِ المُطَّلِبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: "قَالَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَغْنَيْتَ عَنْ عَمِّكَ، فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغْضَبُ لَكَ؟ قَالَ: "هُوَ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ نَارٍ، وَلَوْلاَ أَنَا لَكَانَ فِي الدَّرَكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ". وهذه فيه قبول الشفاعة للكافر، وهو خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأبي طالب. وروى الإمام البخارى أيضا فى صحيحه بسنده: عنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذُكِرَ عِنْدَهُ عَمُّهُ أَبُو طَالِبٍ فَقَالَ لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُجْعَلُ فِي ضَحْضَاحٍ مِنْ النَّارِ يَبْلُغُ كَعْبَيْهِ يَغْلِي مِنْهُ أُمُّ دِمَاغِهِ" صحيح البخاري (3885). وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "لَعَلَّهُ تَنْفَعُهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ" أقول: فمن منا في منزلة النبي صلى الله عليه وسلم صاحب هذا القول، وهل يجرأ مسلم على الطلب من الله تعالى بتخفيف العذاب عن كافر، أو يقول يا رب ارحم فلانًا الكافر، فحري أن نتوقف مليَا قبل أن تصدر من أحدنا ما يخالف هدي القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة.
ورحم الله تعالى الحافظ ابن حجر رحمه الله القائل: "عذاب الكفار متفاوت، والنفع الذي حصل لأبي طالب من خصائصه، ببركة النبي صلى الله عليه وسلم" انتهى من "فتح الباري" (7/196). وهذه الشفاعة الخاصة بأبي طالب، مستثناة من قوله جلَّ وعزَّ: (فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ(، إلا في هذه الخصلة، مع أبي طالب خاصة، وأبو طالب مخلد في النار مع الكفرة، لكنَّه في ضحضاح من النار، يغلي منه دماغه، وهو أهون أهل النار عذابا. وما كان خاصًا لأبي طالب وهو من بركة النبي صلى الله عليه وسلم فلا يقاس عليه. قال تعالى: (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ) سورة فاطر:36. والآية واضحة وصريحة في عدم تخفيف العذاب عن الكافر، وقال الله تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيم) غافر: 7، فلاحظ في الآية أن الاستغفار للمؤمنين، وأنّه تعالى وإن وسع كل شيء رحمة وعلماً، فالدعاء اقتُصر على من آمن به واتبع سبيلهم حتى يقيهم الله عذاب الجحيم، وبهذا تدعو الملائكة حول عرش الرحمن كما تنص الآية الكريمة.
3- رواه مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اسْتَأْذَنْتُ رَبِّي أَنْ أَسْتَغْفِرَ لأُمِّي فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، وَاسْتَأْذَنْتُهُ أَنْ أَزُورَ قَبْرَهَا فَأَذِنَ لِي". ووجه الدلالة من الحديث: أن الله تعالى إنَّما نهى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عن الاستغفار للكفار، فقال تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة:113، فلولا أن أمَّه صلى الله عليه وسلم لم تكن ممن مات على الكفر لما نهاه الله تعالى عن الاستغفار لها) .صحيح مسلم رقم 976).
ثانيا: يجب أن يعلم أنه لا يجوز الترحم علي من مات من الكافرين والمشركين، والترحم عليهم أبلغ من الاستغفار لهم، وقد نهى الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين من الاستغفار للمشركين. قال الطبري رحمه الله في تفسيره: وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا ألفاظ متقاربة المعنى وبينها من الفرق أنّ العفو ترك المؤاخذة بالذنب، والمغفرة تقتضي مع ذلك الستر، والرحمة تجمع ذلك مع التفضل بالإنعام مَوْلانا ولينا وسيدنا". (التسهيل لعلوم التنزيل: أبو القاسم، ابن جزي الكلبي الغرناطي، المحقق: الدكتور عبد الله الخالدي، شركة دار الأرقم بن أبي الأرقم – بيروت- الطبعة الأولى 1416هـ،1/143). وقال شيخ ابن تيمية، فقال: ثم سألوه العفو، والمغفرة، والرحمة، والنصر على الأعداء؛ فإن بهذه الأربعة تتم لهم النعمة المطلقة، ولا يصفو عيش في الدنيا والآخرة، إلا بها، وعليها مدار السعادة، والفلاح: فالعفو متضمن لإسقاط حقه قبلهم، ومسامحتهم به. والمغفرة متضمنة لوقايتهم شر ذنوبهم، وإقباله عليهم، ورضاه عنهم؛ بخلاف العفو المجرد؛ فإن العافي قد يعفو، ولا يقبل على من عفا عنه، ولا يرضى عنه، فالعفو ترك محض، والمغفرة إحسان، وفضل، وجود. والرحمة متضمنة للأمرين، مع زيادة الإحسان، والعطف، والبر. فالثلاثة تتضمن النجاة من الشر، والفوز بالخير". (مجموع الفتاوى 14/140).
سؤال نريد له جوابًا علميًا شافيًا لمن فرّق بين الاستغفار والدعاء بالرحمة للكفر بعد موته:
أ- ومن فرّق بين الاستغفار والدعاء بالرحمة يتمُّ سؤالُه، وليُعطِنَا جَوابًا شَافيُا، لماذا لمَّا مُنٍعٍ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الاستغفار لأمِّه لم يدعو الله تعالى أن يرحمها فيًخَفِّفَ عنها العذاب وهي أمُّه، وهي أمُّه؟؟. وليضَعْ نُصبَ عينيه قول الله تعالى ما ثبت من دعاء في حق الوالدين: (اخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) الإسراء: 24، ومن زعم أنّ النّهي عن الاستغفار هو المخصص بالنهي فقد ذهل عن أنّ الآية الكريمة: (وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا ) تتحدث عن طلب الرحمة، وليس عن طلب المغفرة.
ب- من فرّق بين الاستغفار والدعاء بالرحمة يتمُّ سؤالُه، وليُعطِنَا جَوابًا شَافيُا، لماذا لمَّا مُنٍعٍ النبي صلَّى اللهُ عليه وسلَّم من الاستغفار لأمِّه لم يدعو الله تعالى أن يرحمها فيًخَفِّفَ عنها العذاب وهي أمُّه، وهي أمُّه؟؟. وليضَعْ نُصبَ عينيه أيضًا: هذا الحديث، روى الإمام أحمد (23003) عَنِ بُرَيْدَةَ رضي الله عنه قَالَ: "كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَنَزَلَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَهُ قَرِيبٌ مِنْ أَلْفِ رَاكِبٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ وَعَيْنَاهُ تَذْرِفَانِ، فَقَامَ إِلَيْهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَفَدَاهُ بِالْأَبِ وَالْأُمِّ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ؟ قَالَ: "إِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي فِي اسْتِغْفَارٍ لِأُمِّي، فَلَمْ يَأْذَنْ لِي، فَدَمَعَتْ عَيْنَايَ رَحْمَةً لَهَا مِنَ النَّار)."صححه محققو المسند، وكذا الألباني في "الإرواء" (3/224) .
4- وممَّا يبين أنَّ الدعاءَ بالرحمةِ خاصٌ بالمؤمنين ما جاء في الحديث الذي رواه أبو موسى الأشعري قال: "كان اليهودُ يتعاطسون عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يرجون أن يقولَ لهم يرحمُكم اللهُ فيقولُ يهديكم اللهُ ويُصلِحُ بالَكم" روي بأسانيد صحيحة أخرجه أبو داود(5038)، والترمذي (2739)، وأحمد (19586)، إرواء الغليل رقم (1277)، قال الشيخ الألباني: صحيح، ووجه الدلالة واضحٌ: بالنظرَ إلى المغايرة بين دعاء رسول الله صلَّى اللهُ عليه وسلَّم للمسلمين ودعاءه لغيرهم، فللمسلمين الدعاءُ بالمغفرةِ والرَّحمةِ، ولليهود بصلاح البال في الدنيا والهداية لهم. قال أبو الحسن نور الدين السندي: والحديثُ يدلُّ على أنَّ الكافر لا يُدْعَى له بالرَّحمةِ، بلْ يُدْعَى لَه بالهداية، وصلاحِ البال". (مسند أحمد، طبعة الرسالة 32/357).
قوال بعض أهل العلم في عدم جواز الترحم على الكافر:أ
ولقد ذكر جمع من فقهاء المذاهب الأربعة تحريم الدعاء للكافر الميت، انظر مثلا: (كتاب المحيط البرهاني 2/184) في فقه الحنفية، و(البيان والتحصيل 2/211) في فقه المالكية، و(البيان 3/25) في فقه الشافعية، و(شرح المنتهى 2/160) في فقه الحنابلة، وقد نقل بعض أهل العلم الإجماع على ذلك، كما سيأتي معنا.
- قال شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي: "الْمَحْذُورِ وَهُوَ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ.."(مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: شمس الدين، محمد بن أحمد الخطيب الشربيني الشافعي، دار الكتب العلمية الطبعة الأولى، 1415هـ-1994م، 2/49).
- شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي: "وَأَظُنُّ أَنَّهُ قَالَ: لَا يَحْرُمُ الدُّعَاءُ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ إلَّا إذَا أَرَادَ الْمَغْفِرَةَ لَهُ مَعَ مَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ، وَسَيَأْتِي فِي الْجَنَائِزِ التَّصْرِيحُ بِتَحْرِيمِ الدُّعَاءِ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ.."(نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج: شمس الدين محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة شهاب الدين الرملي، دار الفكر، بيروت، 1404هـ/1984م، 2/420).
- قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وقد قال تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ) الأعراف:55، في الدعاء، ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، مثل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين، ونحو ذلك".(مجموع الفتاوى:1/131)، وقال في كتابه المسمَّى: (قاعدة جليلة في التوسل والوسيلة:1/6): "وأما الشفاعة والدعاء، فانتفاعُ العباد به موقوفٌ على شروط، وله موانع، فالشفاعة للكفار بالنجاة من النار والاستغفار لهم مع موتهم على الكفر لا تنفعُهم، ولو كان الشفيعُ أعظمَ الشفعاء جاهًا، فلا شفيع أعظمُ من محمد صلى الله عليه وسلم ثم الخليل إبراهيم، وقد دعا الخليل إبراهيمُ لأبيه واستغفر له كما قال تعالى عنه: (رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ) إبراهيم: 41، وقد كان صلى الله عليه وسلم أراد أن يستغفرَ لأبي طالب اقتداءً بإبراهيم، وأراد بعض المسلمين أن يستغفرَ لبعض أقاربه، فأنزل الله تعالى:) مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) التوبة: 113، ثم ذكر اللهُ عُذْرَ إبراهيم فقال: (وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ) التوبة: 114، 115.
- قال أبو الحسن نور الدين السندي: "إنَّ الكافرَ لا يُدْعَى له بالرحمة، بلْ يُدْعًى له بالهدايةِ، وصلاحِ البالِ". (مسند أحمد، ط الرسالة، 32/357).
- قال القرطبي: "وقد قال كثير من العلماء: لا بأس أن يدعوَ الرجل لأبويه الكافرين ويستغفر لهما ما داما حيَّيْن، فأما من مات: فقد انقطع عنه الرجاء فلا يُدعى له ."(تفسير القرطبي 8/274).
- قال الآلوسي: "والتحقيق في هذه المسألة: أنَّ الاستغفارَ للكافر الحي المجهول العاقبة، بمعنى طلب هدايته للإيمان ممَّا لا محذور فيه عقلاً ونقلاً، وطلب ذلك للكافر المعلوم أنَّه قد طُبعَ على قلبه وأَخبر الله تعالى أنه لا يؤمن وعلم أن لا تعليق في أمره أصلا: ممَّا لا مساغ له عقلاً ونقلاً، ومثله طلب المغفرة للكافر مع بقائه على الكفر على ما ذكره بعض المحققين، وكان ذلك على ما قيل، لما فيه من إلغاء أمر الكفر الذي لا شيء يعدله من المعاصى، وصيرورة التكليف بالإيمان الذي لا شيء يعدله من الطاعات عبثاً، مع ما في ذلك ممَّا لا يليق بعظمة الله عزَوجلَّ". (روح المعاني 16/101(.
- قال الإمام النووي: "وأما الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة فحرام بنص القرآن والإجماع".(المجموع شرح المهذب 5/ 144).
- جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية (4/43): "اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ الاِسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ مَحْظُورٌ، بَل بَالَغَ بَعْضُهُمْ فَقَال: إِنَّ الاِسْتِغْفَارَ لِلْكَافِرِ يَقْتَضِي كُفْرَ مَنْ فَعَلَهُ، لأِنَّ فِيهِ تَكْذِيبًا لِلنُّصُوصِ الْوَارِدَةِ الَّتِي تَدُل عَلَى أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَأَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى كُفْرِهِ فَهُوَ مِنْ أَهْل النَّارِ.. وَأَمَّا مَنِ اسْتَغْفَرَ لِلْكَافِرِ الْحَيِّ رَجَاءَ أَنْ يُؤْمِنَ فَيُغْفَرَ لَهُ، فَقَدْ صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ بِإِجَازَةِ ذَلِكَ، وَجَوَّزَ الْحَنَابِلَةُ الدُّعَاءَ بِالْهِدَايَةِ، وَلاَ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِهِمْ، كَذَلِكَ اسْتَظْهَرَ بَعْضُهُمْ جَوَازَ الدُّعَاءِ لأِطْفَال الْكُفَّارِ بِالْمَغْفِرَةِ، لأِنَّ هَذَا مِنْ أَحْكَامِ الآْخِرَةِ. ولننتبه هنا إلى أن هذا غير الدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم رغبةً في إسلامهم، فإنَّ ذلك جائزٌ، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لقبيلة دوس وكانوا كفاراً فقال: "اللهم اهد دوساً وائت بهم" متفق عليه".
وجاء فيها أيضًا: "وَأَمَّا بَعْدَ وَفَاتِهِ فَيَحْرُمُ الدُّعَاءُ لِلْكَافِرِ بِالْمَغْفِرَةِ وَنَحْوِهَا؛ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَاَلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ) سورة التوبة :113، وَقَدْ جَاءَ الْحَدِيثُ بِمَعْنَاهُ، وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهِ". الموسوعة الفقهية الكويتية (11/187).
- رابطة العلماء السوريين وهئيئة الشام الإسلامية: "وأما بعد وفاته فيحرم الدعاء للكافر بالمغفرة ونحوها وكذلك تحرم الصلاة عليه؛ لقول الله تعالى: (مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيم) التوبة:113، وقد أجمع المسلمون عليه. وعليه فإن من يستغفر للكافر أو يدعو له بالرحمة بعد وفاته فقد ارتكب محرماً من المحرمات، وخالف بعمله ما أجمع عليه المسلمون، وهو بفعله هذا يخالف ما ورد في القرآن الكريم فقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء) النساء:48. لكن من فعل ذلك لا يكفر، إن لم يعتقد خلاف ما ورد في صريح القرآن الكريم. ويجب التنبه إلى أن أمور العقيدة لا تدخلها المجاملات الاجتماعية ونحوها، وباب المجاملات إن اضطر إليه المرء فيمكن القول فيه بأشياء عامة مما لا حرج فيه شرعاً، مثل قولهم: البقاء لله. أو القول: إنا لله وإنا إليه راجعون، وغير ذلك من عبارات التعزية لأهل الميت وحثهم على الصبر وعدم الجزع، مما ليس فيه دعاء للميت".(رابطة العلماء السوريين: هل يكفر من ترحم على كافر ،https://islamsyria.com/site/show_consult/3107 رقم الفتوى: 3107، الجمعة 13 جمادى الآخرة 1441ه- 7 فبراير 2020م). وانظر مثل هذه الفتوى: حكم تعزية غير المسلم والتَّرحم عليه وتسميته بالشهيد : المكتب العلمي، هيئة الشام الإسلامية رقم الفتوى:17، الأحد 4 شعبان 1433 هـ الموافق 24 يونيو 2012م، https://islamicsham.org/fatawa/354).
- الشيخ الشعراوي قال: "لا يجوز الترحم على غير المسلم بعد موته وأي شخص مشرك أو يهودي أو نصراني أو مات وهو كافر فلا يجوز الترحم على أموات الكفار غير المسلمين أو الصلاة عليهم أو حتى الاستغفار. وأضاف: لأن جزائه دخول النار، وعندما ندعو له بالرحمة نكون قد طلبنا تغيير لقضاء الله الذي لا يتغير. كما انه من المحرم الدعاء بالرحمة والمغفرة للكفار".( https://www.youtube.com/watch?v=geUyB9Xryhk)
- قال العلامة ابن عثيمين في)الشرح المختصر لبلوغ المرام(: "الكافر لا يجوز أن يصلى عليه ولا أن يدعى له بالرحمة ولا بالمغفرة، ومن دعا لكافر بالرحمة والمغفرة فقد خرج بهذا عن سبيل المؤمنين، لأن الله تعالى قال: (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم) فأي إنسان يترحم على الكافر أو يستغفر له فإنَّ عليه أن يتوبَ إلى الله، لأنَّه خرجَ في هذه المسألة عن سبيل النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، فعليه أن يتوب إلى ربه ويؤوب إلى رشده، لأنَّ الكافرَ مهما دعوت له فإنَّ الله تعالى لن يغفرَ له أَبدًا، مهما عَمِلَ من خيرٍ، لو فُرِضَ أنَّ كافرًا كان يًصلِّحُ الطُّرقَ ويًعمِّرَ الأربطة وينفعُ المسلمينَ فإنَّ عملَه غيرُ مقبولٍ، كما قال تعالى: (وَقَدِمْنَا إِلَىٰ مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَّنثُورًا) الفرقان:23.