دور المناهج و التربية و العقيدة الدينية في صياغة شخصية الجندي

الدكتور صالح نصيرات

  • الإثنين 22, يوليو 2024 12:14 ص
  • دور المناهج و التربية و العقيدة الدينية  في صياغة شخصية الجندي
دور المناهج و التربية و العقيدة الدينية في صياغة شخصية الجندي الصهيوني المتوحش د. صالح نصيرات تتشكل الشخصية الإنسانية من خلال البيئة التي تقدم له مدخلات من الدين والثقافة والخبرات الحياتية. ومن المعلوم أن الإنسان تؤثر فيه تلك العوامل سلبا أو إيجابا. فقد يكون أحادي النظرة، ينزع إلى التطرف واحتقار الآخر وعدم الاعتراف بوجوده. ويحدث هذا في كل المجتمعات سواء تلك التي ادعت التحضر و التنوير أو تلك التي عاشت على هامش التاريخ و الحضارة
دور المناهج و التربية و العقيدة الدينية في صياغة شخصية الجندي الصهيوني المتوحش
د. صالح نصيرات
تتشكل الشخصية الإنسانية من خلال البيئة التي تقدم له مدخلات من الدين والثقافة والخبرات الحياتية. ومن المعلوم أن الإنسان تؤثر فيه تلك العوامل سلبا أو إيجابا. فقد يكون أحادي النظرة، ينزع إلى التطرف واحتقار الآخر وعدم الاعتراف بوجوده. ويحدث هذا في كل المجتمعات سواء تلك التي ادعت التحضر و التنوير أو تلك التي عاشت على هامش التاريخ و الحضارة


 الصهاينة  إذ يقررون هوية الفلسطيني
يتحاشى الصهاينة إطلاق لفظة فلسطيني على أصحاب الأرض من العرب. وذلك بقصد جعل الفلسطينيين جزاء من الأمة العربية، لا حبا بهم بل لتبرير تهجير الفلسطينيين من أرضهم. ففي محاضرة لرئيس وزراء الكيان نتن ياهو في الولايات المتحدة الأمريكية قبل أكثر من أربعين عاما يعيد هذه الفكرة، وينشء في ذهن الأمريكي والسامع أن فلسطين ليست عربية وأن على قاطنيها أن يتركوها ويرحلوا إلى بلاد عربية مجاورة.
وقد تنبه الصهاينة إلى أهمية بناء شخصية لليهودي الذي يأتي إلى فلسطين، بحيث يكون الجميع نمطا واحدا، يؤمن بأمور ثلاثة هي: أنه من الشعب المختار، وأنه صاحب أرض فلسطين و العرب غزاة محتلون، وأن الإنسانية إنما خلقت لخدمته.
لذا بعث الصهاينة وغالبهم من الملحدين كل ما في التراث اليهودي من حقد وغلو في نظرته للإنسان. كما تمت صياغة وسائل الإعلام و المناهج الدرسية والأدب العبري لتشويه التاريخ و العقيدة والحضارة الإسلامية تحديدا. 
العربي في الأدب الصهيوني
يعرّف  غسان كنفاني الأدب الصهيوني بقوله: "هو الأدب الذي كُتب ليخدم حركة استعمار اليهود لفلسطين، سواء أكتبه يهود أم كتّاب يعطفون على الصهيونية ويخدمونها بطريقة مباشرة أوبطريقة غير مباشرة"، فثمة كتّاب يهود كتبوا أدبًا لا يتعلّق بالمشروع الصهيوني، كما أن كتّابًا غير يهود كتبوا أدبًا يخدم الصهيونية بلغات غير عبرية.
أما الكاتب اليهودي فيعرفه المنظّر الصهيوني المتطرف  زئيف جابوتنسكي بأنه:   " الكاتب الذي يكتب بروح يهودية وللقارئ اليهودي". وقد روّج الأدب الصهيوني كثيرا من الأفكار المزعم حول فلسطين والفلسطينيين. ففلسطين أرض صحراوية قاحلة بلا شعب. واليهود  قادرون على تحويلها إلى حدائق غنّاء. والفلسطيني متطفل على فلسطين، وهو ليس أكثر من لص سارق لهذه  لارض الميعاد، فضلا عن أنه قاتل بلا قيم وبلا أخلاق إنسانية. وهو إنسان بدائي متوحش ولا يستطيع إقامة حضارة أو بناء دولة ذات جذور. وكانت هذه الموضوعات ثيمات أساسية في الرواية الصهيونية كما قدمها كل من يهود بيرلا وموشي شامير ونتان ألترمان وغيرهم.
وهدف هؤلاء الصهاينة  من وراء ذلك التشويه، هو تقديم العربي بشكل عام لليهودي القادم من روسيا وبولندا وأوكرانيا و الغرب على أن له مهمة محددة وهي انتزاع الأرض من "اللص" الفلسطيني، وبناء حضارة! على أرض الميعاد. أما الروح التي يعتمدها الصهيوني لتحقيق تلك الأهداف فهي روح عنصرية تحتقر الإنسان الفلسطيني وتعده طارئا على أرضه. ولا يتورع عن استخدام كل الوسائل بما فيها القتل والاغتيال والتشويه. ولهذا أصبح القتل و ارتكاب المجازر والتدمير جزءا من الشخصية الصهيوينة.
الإنسان العربي والفلسطيني في عقيدة التلمود
في العقيدة التلمودية المحرّفة يعتقد اليهود بأن الإنسان غير اليهودي ليس سوى خادم لهم. وأما العربي فهو من نسل إسماعيل ابن "الأمة" المصرية هاجر. فهم- أي العرب- كأمهم عبيد جعلوا لخدمة اليهود. ولهذا ينظرون إلى الإنسان العربي بشكل خاص نظرة ازدراء و احتقار.  وقد وصف الحاخام عوفاديا فديا العرب بأنهم  حشرات، وسمعنا وزير الدفاع الصهيوني وردد معه كثيرون ما وصف به الفلسطينيين بأنهم "حيوانات بشرية". بل إن أحد قادتهم زاد على ذلك بأن الفلسطينيين ليسوا بشر اصلا. 
 يعتقد حاخامات اليهود  ومنهم عوفاديا  وكهانا المقبور وغيرهما بأن من يقف في وجه تحقيق الوعد الإلهي يستحق القتل لأنه يقف ضد الأمر الإلهي المزعوم. وهم في ذلك لا يفرقون بين طفل وامرأة وشيخ، ولا يجدون غضاضة في تدمير كل سبل الحياة كما يفعلون الآن في غزة من تدمير ممنهج للمستشفيات والمراكز الصحية وقتل الأطباء و الممرضين، وتدمير سيارات الإسعاف ومنعها من الوصول إلى الجرحى.
 فلسفة المناهج الصهيونية
يِعرفُ التربويون أن لكل منهاج فلسفة خاصة تُشتق من مجموعة من العناصر ذات الصلة بهوية الأمة وعقيدتها بالإضافة إلى تحقيق آمالها وأحلامها. والمناهج الصهيونية أكثر تعقيدا كونها تتعامل مع أفراد جاءوا من بلاد شتى إلى  فلسطين. ولذلك شملت الفلسفة التربوية قضايا كثيرة تتعلق بالرؤية الدينية لدولة الكيان، والواقع الذي تعيشه كدولة مغتصِبة ولابد من  مواجهة أعدائها، ولذلك ركزت المناهج الصهيوينة على عقيدة قتالية ذات أبعاد توراتية تلمودية تتلخص فيما يلي:

1- اعتبار التوراة والتلمود في أصولها العبرية المصدر الأساسي للتاريخ، والجغرافيا، والأدب القومي، والمحتوى الأساسي للتقاليد الروحية والأخلاقية.
2- اعتبار الشعب اليهودي هو "شعب الله المختار" الذي هو فوق كل الشعوب التي سخرت لخدمته، وأن جميع الحضارات والثقافات هي وحي هذه الديانة وهذا الشعب.
3- ملء المناهج الدراسية بالبطولات الخارقة والأساطير التي وردت في الكتب الدينية، وأن الله وعدهم باستخلافهم في الأرض.
4- أن اليهود أمة واحدة لذلك لابد من جمع جميع الصهاينة في فلسطين على أساس الدين واللغة العبرية، وإعادة صياغة الأمة اليهودية وفق الروح اليهودية وحياً من الدين اليهودي، وتهدف التربية الدينية إلى تربية الطفل جسدياً، واجتماعياً، وانفعالياً، وعقلياً، عن طريق قصص من التوراة وأسفارها.
5- التربية القتالية.  وهي عنصر مهم في فلسفة المناهج، لأن الدولة الصهيونية قامت على الإرهاب و القتل ولابد من إعداد أبنائهم ليكونوا قتلة وإرهابيين بلا رحمة. وفي هذا الصدد تقول الباحثة الصهيونية "حاجيت غور زئيف" من مركز التربية النقدية في معهد الكيبوتسات: "إن تربية الطلاب على العسكرة تتم بأساليب مختلفة، ففي يوم الاستقلال يتسلق أطفال الروضات على الدبابات، ويزينون روضاتهم بأعلام وحدات الجيش (الإسرائيلي). وفي الأعياد الدينية فإن غالب ما ينقل إلى الطلبة هو المفاهيم والقيم العسكرية، فدائماً هناك تمييز بين: "نحن وهم"، الطيبون والأشرار و"هم" دائماً تعني الأشرار، فمثلاً: في عيد الفصح نصور نحن اليهود بالطيبين والمصريون (الفراعنة) بالأشرار، وكذا العرب في عيد الاستقلال، والرومان في عيد العنصرة ".
كما أن المناهج تركز على بناء الدولة الصهيونية من خلال العناصر المهمة الآتية وهي:
1- تكوين مجتمع عضوي موحد من شتات اليهود التي تجمعت في أرض فلسطين.
2- بناء دولة عصرية تملك أسباب القوة المادية والروحية.
3- المحافظة على التراث الصهيوني ونشره وتعميمه بين الناشئ الصهيوني في الدولة الصهيونية، وتحويل الدولة الصهيونية لتصبح مركز الاتصال بين صهاينة العالم أينما وجدوا والممثلة الرئيسة لمنجزات الشعب الصهيوني.
هذه الفلسفة التربوية جعلت الصهيوني قاتلا ومستعدا للقتل في كل وقت وحين، وتدمير كل سبل الحياة منذ أن وطئت أقدامهم النجسة أرض فلسطين في ثلاثينيات القرن الماضي.
مصادر
الميادين، موقع ثقافي إخباري
خليل السواحري وسميرسمعان: التوجهات الصهيونية في المناهج الإسرائيلية.
، محمد مرسي محمد مرسي، موقع مداد