الأدب المقاوم

الحلقة السادسة من سلسلة الأدب الفلسطيني المقاوم .. د.رمضان عمر

الدكتور رمضان عمر

  • الخميس 26, أغسطس 2021 08:18 م
  • الحلقة السادسة من سلسلة الأدب الفلسطيني المقاوم .. د.رمضان عمر
أدب اللجوء قبل اسلو: شكَّلت (اسلو) انعطافةً سياسيةً خطيرةً في تاريخ القضية الفلسطينية؛وكانَ رجوعُ قِسم من الشعب الفلسطيني بصورة مزرية – وفق اتفاقية مجحفة-علامة انكسارٍ جديدة في جبهةِ النِّضالِ السياسي؛ حيثُ شكَلت تلك العودةُ الناقصةُ انهيارا جديداً في جدار الامل والتحدي، ومدخلاً حقيقياً لتحولاتٍ في الكتابة والتشْكيل الأدبي.


لكنَّ هذا الانكسارَ السياسي سرعانَ ما شكُّل حالةً من التمايزِ والصراعِ على مستوياتِ الفكرِ والثقافةِ؛ فبرز على الساحةِ الفلسطينية تياران متناقضان: تيار سلطويٌ- ثقافةً وسياسةً- حاولَ أن يجملَ هذا الرجوعَ الناقصَ ،باعتباره نهاية واقعيةً مقبولة لمساراته السياسية؛ فيحطُّ بذلك عصا الترحال،ويبدأُ بالحديثِ عن وطن مستقر،يسمحُ بتحولات كتابية جديدة بعيدا عن الأدب تيماتِ الأدبِ المقاوم والعودة وما رافقهما من مضامين شكلت خصوصية للأدب الفلسطيني عبر عقود طويلة، مبتعداً بذلك الوطنِ والوطنيةِ لأنهُ- على حد تصو ره- قد انجزَ مهمةَ التحريرِ؛ فليجعلْ الأدبَ- كما الآداب لدى شعوب العالم – أدبا مساوقا للسوق العالمية.
 بينما  أعاد فريق  أخر  صياعة مفهوم الأدب المقاوم ومصطلحات الصمود وفق تفسيرٍ جديدٍ لجبهةِ المقاومة باعتبارها جبهةً مناهضةً لأدب الاستسلام والتقهقر. 
 وبين هذا الفريق وذاك  وجد فريق ثالث لم يعترف بتلك العودة الناقصة ولم  يستجب لمفهوم الاستسلام لكنه عمليا نأى بنفسه  عن الأدب المقاوم واختار له منهجا مسالما وعلى راس هؤلاء محمود درويش في كتاباته الاخيرة بدءا "بسرير الغريبة"  و"حالة  حصار"  ثم  "الجدارية" وما بعدها.
بعد النكبة الاولى  48 كان الادب  الفلسطيني  يقسم  جعرافيا  الى 
أ- أدب فلسطينيي الداخل «48»
ب– أدب الشتات
ج– أدب الصامدين في الوطن الذي احتلته إسرائيل عام 1967 
الادب  الفلسطيني  الداخلي  في  الضفة  وغزة المحتلة  عاش  ثلاث  مراحل  متعاقبة  كانت  اولاها تحت الحكمين الاردني والمصري  حتى  عام 67 ثم  فترة  ما بعد الاحتلال حتى  نهاية الانتفاضة الأولى    ثم فترة  ما بعد اسلو؛  وهذا الادب- خصوصا  في الضفة الغربية تحديد – كان –في العهد الاردني   أدبا ناميا متأثرا إلى حد كبير بتداعيات النكبة وإفرازاتها. لكنه  كان في  اكثره تاييدا  وولاء  للمملكة الأردنية الهاشمية التي خرجت إلى حيز الوجود في مستهل الخمسينيات من القرن الماضي جراء تأسيس المملكة الأردنية الهاشمية من ضفتي الأردن الغربية» ما تبقى من فلسطين بعد عام 1948، والضفة الشرقية. برغم كل ذلك كانت المشاعر الوطنية الفلسطينية جياشة، وظلت قصائد إبراهيم طوقان، وعبد الرحيم محمود، وأبي سلمى حاضرة في الساحة الأدبية الفلسطينية الناشئة
غير ان هذه الفترة قد شهدت ضياع هوية الادب الفلسطيني فكان أدباء فلسطين المحتلة يلحقن بأدباء الاردن  فيسمون بادباء الاردن ،واحيانا يسمون بأدباء الاردن وفلسطين ، مسدن للشقين الشرقية والغربية ، اما أدباء الداخل "48" نشط اليسار الفلسطيني في تلك المرحلة فشكل حالة أدبية كان من اهم رموزها محمود درويش وسميح القاسم وهؤلاء كانوا اكثر بروزا في تعبيرهم عن الادب الفلسطيني المقاوم في تلك المرحلة .
وبعد 67" والنكبة الثانية وبدء حالة النزوح لبلدان العربية القريبة ،اردن سوريا لبنان ومصر والعراق ، بدأ أدب الشتات او اللجوء او المهجر الفلسطيني يتشكل بصورة اكثر وضوحا حتى غدت الحالة الادبية الفلسطينية في مجملها حالة لجوءفتحول الوطن الى مخيمات ومنافي واستمرت هذه الحالة حتى بدايات اوسلو حيث العودة الناقصة والدولة السقيمة والوطن الوهمي بلا سيادة وبلا حدود .